شهدت منطقة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة واحدة من أكثر جرائم القتل إثارة للجدل في الآونة الأخيرة، بعد أن انتهى نزاع على شقة إيجار قديم بجريمة مأساوية أودت بحياة مالك عقار، وأسفرت عن الحكم على مهندس بالسجن عشر سنوات، بعد أن كانت العقوبة المؤبد في المرحلة الأولى من المحاكمة.

تعود تفاصيل الواقعة إلى الرابع من نوفمبر 2024، حين نشب خلاف حاد بين المتهم "ع.س" وابن مالك العقار، المجني عليه "ر.ع"، حول شقة إيجار قديم في أحد العقارات بالمنطقة.

وحسب أوراق القضية، تطور الخلاف إلى مشاجرة عنيفة، أقدم خلالها المتهم على طعن المجني عليه بسلاح أبيض "مطواة" طعنات قاتلة، أودت بحياته على الفور، كما أصاب شقيقه بجروح.

أحالت النيابة العامة القضية إلى محكمة الجنايات التي أصدرت حكماً بالسجن المؤبد على المتهم، قبل أن تخففه محكمة الاستئناف إلى عشر سنوات.

قانون الإيجار القديم.. شرارة نزاعات متصاعدة
هذه الجريمة لم تكن معزولة عن سياق أوسع تشهده مصر في ظل تعديلات قانون الإيجار القديم، الذي صدّق عليه عبد الفتاح السيسي مؤخراً، والذي اعتبره خبراء ومحللون "قنبلة اجتماعية موقوتة" قد تؤدي إلى موجة نزاعات بين الملاك والمستأجرين، خصوصاً في المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية.

التعديلات الجديدة سمحت للمالك أو المؤجر بالمطالبة بإخلاء العين المؤجرة في حالات متعددة، منها ترك الشقة مغلقة لمدة تزيد على سنة، أو امتلاك المستأجر لوحدة بديلة تصلح لنفس الغرض. كما منحت المالك حق اللجوء إلى القضاء لطرد المستأجر الممتنع عن الإخلاء، حتى بالقوة القانونية.

أرقام تكشف حجم الأزمة
تشير تقديرات منظمات مستقلة إلى أن نحو 15 مليون مواطن يعيشون في عقارات خاضعة لقوانين الإيجار القديم. ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017، يبلغ عدد هذه الوحدات نحو 3 ملايين و19 ألف وحدة، منها ما يقارب مليوناً و879 ألف وحدة سكنية، و575 ألف وحدة تجارية وإدارية.

تتصدر القاهرة القائمة بأكثر من مليون و99 ألف وحدة، تليها الجيزة بـ 562 ألفاً، ثم الإسكندرية بـ 433 ألفاً. هذه الأرقام تعكس حجم التأثير المحتمل للتعديلات على شريحة ضخمة من المجتمع، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية ضاغطة وارتفاع أسعار العقارات والإيجارات الجديدة.

تحذيرات من انفجار اجتماعي
قانون الإيجار القديم كان دائماً محل جدل بين من يرى أنه ينصف الملاك الذين يتقاضون إيجارات زهيدة منذ عقود، ومن يعتبره الحامي الوحيد للملايين من ذوي الدخل المحدود. ومع إقرار التعديلات الأخيرة، يخشى خبراء اجتماعيون وقانونيون من أن يؤدي التطبيق العملي إلى زيادة حدة النزاعات، بل وتحول بعضها -كما في حادثة بولاق- إلى جرائم عنف.

المحكمة الدستورية العليا كانت قد قضت في نوفمبر 2024 بعدم دستورية بعض بنود القانون، وأمهلت البرلمان حتى يوليو 2025 لإعادة صياغة الضوابط، وهو ما قد يعني أن الأشهر المقبلة ستشهد مزيداً من المواجهات القانونية وربما الميدانية بين الملاك والمستأجرين.