لم يعد المشهد البحري في مصر مجرّد مسألة تقنية تخصّ رسوّ سفن ومغادرتها، ففي لحظة إقليمية يغمرها الدم من غزة إلى رفح، باتت كلّ سفينة “مريبة”، وكلّ شحنة “ذات استخدام مزدوج” اختبارًا سياسيًا وأخلاقيًا للدولة التي تدعي إنها ليست مشاركة في إبادة قطاع غزة. من هذه الزاوية، يقرأ الخبراء والنشطاء أن ما يحدث اليوم في ميناء الإسكندرية—حيث تتردّد معلومات ونداءات ناشطين عن سفينة "بحري ينبع" محمّلة معدات عسكرية/ثقيلة في طريقهالإسرائيل .
ووصف خبراء وحقوقيون رسو هذه السفينة بالإسكندرية ما هو إلا حلقة جديدة في تطبيع عملي يجري على صفحة الماء، فالسماح بالرسوّ، ثم تمرير الشحنات، أو على الأقل تقديم التسهيلات اللوجستية التي تجعل سلاسل الإمداد إلى الموانئالإسرائيلية ممكنة ومأمونة، هو خيانة للقضية الفلسطينية.
هذه الأخبار المتداولة أثارت غضب عدد كبير من النشطاء والسياسيين والمحللين، فكتب د. سام يوسف " بعد أن طردها عمال ميناء جنوة الإيطالية.. السفينة السعودية بحري ينبع والمتهمة بحمل شحنة أسلحة ثقيلة لإسرائيل ونقلها من أميركا للاحتلال ترسو في ميناء الإسكندرية حسب موقع marinetraffic لتتبع السفن، وشهود عيان يؤكدون لشبكة رصد وجود استنفار أمني ومنع للتصوير بالميناء تمهيدا لنقل الأسلحة للاحتلال بموافقة نظام السيسي العسكري في مصر".
https://x.com/drhossamsamy65/status/1955954659547603116
ونشر الباحث والسياسي اليمني أنيس منصور عن موقع الاشتراكية العالمية "WSWS" : قائلا عمال ميناء جنوة الإيطالي يعترضون السفينة السعودية "بحري ينبع" المحملة بالأسلحة لـ"إسرائيل" ويفرضون حصارًا على عبورها.
وأشار أن السفينة السعودية وصلت من أمريكا لتحميل معدات عسكرية واكتشف عمال ميناء جنوة أنها محملة أصلا بالأسلحة والذخائر لـ"إسرائيل"، ونوه أنه نحو 40 عاملاً من ميناء جنوة صعدوا إلى السفينة السعودية "بحري ينبع" لتوثيق الشحنة، رغم محاولات عرقلة وصولهم. • هيئة ميناء جنوة تتعهد بمناقشة إنشاء "مرصد دائم لتهريب الأسلحة" بعد الحصار الذي فرضه العمال.
وتابع عمال ميناء جنوة الإيطالي قالوا "لا نعمل من أجل الحرب" ويؤكدون أنهم اعترضوا شحنة أسلحة مماثلة عام 2019 للسفينة السعوديةنفسها.
ولفت أن خوسيه نيفوي زعيم "التجمع المستقل لعمال الموانئ" يحذر من أن التعامل مع شحنات كهذه يجعلالعمال متواطئين في جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة.
https://x.com/anesmansory/status/1954333131911414112
وقال منير الخطير " السفينة السعودية بحري ينبع محملة بأسلحة لاسرائيل وعمال ميناء جنوة يمنعون رسوها أول ردمن محمد بن سلمان علي صفقة الغاز ؟".
https://x.com/farag_nassar_/status/1954224523106017423
وأشار الناشط نائل الشافعي " عمال ميناء جنوة الإيطالي يمنعون رسو السفينة السعودية "بحري ينبع" القادمة من بلتيمور الأمريكية ومحملة بأسلحة متجهة إلى الجارة، من التوقف في جنوة لتحميل شحنة سلاح إضافية من شركة ليوناردو متجهة أيضاً للجارة.
https://x.com/nayelshafei/status/1954178115451675044
وأكد اميرو " الخبرصحيح لأنه الصهاينة يستوردون السلاح من 3 دول امريكا و المانيا و ايطاليا وتوقف السفينة في ايطاليا يؤكد الخبر".
https://x.com/Amiiro_Jb/status/1954281699505799597
وأخيرا فهذه ليست اتهامات حنجرية. فثمة سجلّ قريب يوفّر “السابقة”و“النمط”: السفينة الألمانية MVKathrin التي حملت متفجّرات من نوع RDX وسمح لها بالرسوّ في الإسكندرية يوم 28 أكتوبر 2024 رغم تحذيرات حقوقية وقانونية دولية من أن الشحنة “تغذّيحربًا قد تُرتكب في سياقها جرائم حرب” في غزة. أكّدت منظمة العفو الدولية نفسه: تحديث:
سمحت حكومة السيسي للسفينة كاثرين بالرسوّ والتفريغ في الإسكندرية، مع ربطالشحنة بوجهة إسرائيلية، بينما وثّقت رويترز مسار السفينة وتجاذبات المنع والسماح وما دار حولها من دعاوى قضائية أوروبية، وأشارت إلى أنها شوهدت آخر مرة بالإسكندرية. هذا سلوك يطبع فعليا مع الصهاينة لا حادثة عابرة.
وبعدها بأسابيع، في 3نوفمبر 2024، ظهر فيديو لقطعة بحرية إسرائيلية تعبر قناة السويس رافعةً العلمين المصري والإسرائيلي، فأجّج غضبًا واسعًا. سارعَت هيئة قناة السويس إلى الاحتماء باتفاقية القسطنطينية لتبرير العبور “للجميع”، لكنّ ذلك بدا، في نظر الرافضين للتطبيع، تسويغًا قانونيًا لشراكة أمر واقع مع جيش يواصل قصف غزة. حتى تغطيات صحفية دولية وازنة رصدت الغضب الشعبي والجريمة التي ارتكبها السيسي في حق بني جلدته.
وموازاةً مع ذلك، نشرت منصّات تقارير استقصائية عن تحوّل موانئ مصرإلى “محطات إسناد رئيسية” للتبادل التجاري مع الموانئ الإسرائيلية خلال الحرب: خطوط شحن متكرّرة، سفن حاويات، إسمنت، وبضائع قد تدخل ضمن “الاستخدام المزدوج”—كلّها تشكّل، في نظر المنتقدين، “البنية التحتية للصمت”، حيث يجري تسهيل سلسلة إمدادتلائم اقتصاد بلدٍ في حرب. هذه ليست تلميحات فيسبوك؛ إنما مواد منشورة تخاطب رأيًا عامًا عالميًا.