كشف تقرير موسع لموقع ميدل إيست آي البريطاني عن تفاصيل مثيرة حول ما وُصف بـ"التحالف الخفي" بين الإمارات وقوات خليفة حفتر الإرهابية، والذي مكّن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” من السيطرة على المثلث الحدودي الاستراتيجي بين مصر والسودان وليبيا.
هذه السيطرة، التي تمت في يونيو الماضي، تعكس تحولًا بالغ الأهمية في خريطة الصراع السوداني، وتفتح أبواب تنافس إقليمي محتدم على منطقة شديدة الحساسية جيوسياسيًا.
تحول استراتيجي في قلب الصحراء
وفق التقرير، شهدت الحدود البرية المشتركة بين الدول الثلاث في 10 يونيو تحركًا عسكريًا غير مسبوق، حيث دخلت أكثر من 250 عربة عسكرية مجهزة إلى سوق “الكتامة” عبر القوات المشتركة للدعم السريع وميليشيات ليبية مرتبطة مباشرة بقوات حفتر.
شهود عيان، من بينهم عمال مناجم ذهب، أكدوا أن القوات المهاجمة أعلنت السيطرة على المنطقة قبل انسحاب الميليشيات الليبية وترك الساحة لقوات حميدتي، التي بدأت عمليات نهب واسعة شملت الذهب والأموال والممتلكات، ما دفع المئات من عمال المناجم إلى النزوح.
انسحاب الجيش السوداني وتثبيت السيطرة
تحت ضغط الهجوم المنسق، انسحبت قوات الجيش السوداني، وبعد يومين فقط أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على المثلث الحدودي، مما منحها موطئ قدم حيوي في الغرب السوداني، بينما ظل الجيش متمركزًا في الخرطوم وأجزاء من وسط البلاد.
صور الأقمار الصناعية وبيانات رحلات الطيران، التي استند إليها التقرير، تشير إلى أن العملية كانت مدعومة لوجستيًا من الإمارات وروسيا عبر قوات حفتر.
حفتر.. الشريك الميداني
الميليشيات الليبية، خاصة "سبل السلام" و"كتيبة طارق بن زياد" التابعة لصدام حفتر، لعبت دورًا رئيسيًا في المعركة، وفقًا لشهادات ميدانية.
صدام حفتر، نجل قائد الجيش الليبي في الشرق، تابع سير العملية شخصيًا قبل إصدار أوامر انسحاب قواته بعد تثبيت سيطرة الدعم السريع على المنطقة.
الإمارات.. الراعي اللوجستي والسياسي
مصادر دبلوماسية وسودانية وليبية أكدت للموقع أن الإمارات منحت الضوء الأخضر لعملية السيطرة على المثلث، مع توفير دعم عسكري ولوجستي واسع النطاق.
بحث غير منشور لباحث ليبي كشف عن هبوط طائرتين إماراتيتين محملتين بالأسلحة في مطار الكفرة الليبي في 10 يوليو، نُقلت إمداداتهما إلى دارفور عبر الحدود التشادية–الليبية، في خطوة اعتبرها محللون تعزيزًا لخطوط إمداد الدعم السريع.
البصمة الروسية
لم يغب الحضور الروسي عن المشهد؛ إذ رصدت وكالات إخبارية طائرتي شحن من طراز “إيل-76” روسية الصنع تقلعان من مطار الكفرة متجهتين نحو مناطق خاضعة لسيطرة الدعم السريع في السودان.
هذه الرحلات كانت جزءًا من شبكة إمداد بدأت منذ مايو، لنقل معدات وأسلحة من جنوب شرق ليبيا بدعم إماراتي.
مكاسب استراتيجية للدعم السريع
بالسيطرة على المثلث الحدودي، ضمنت قوات حميدتي حدودًا مع خمس دول: جنوب السودان، إفريقيا الوسطى، تشاد، ليبيا، ومصر، ما يمنحها ورقة ضغط قوية في الصراع المستمر، ويجعلها طرفًا مؤثرًا في معادلات الأمن الإقليمي.