أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً شديد اللهجة، طالب فيه جميع الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها دولة الإمارات، بالكف عن أي تدخل خارجي من شأنه تأجيج الصراع في السودان، مؤكداً رفضه القاطع لمحاولة قوات الدعم السريع تشكيل سلطة حكم موازية داخل البلاد.
البيان، الذي جاء بإجماع أعضاء المجلس، شدد على أن الخطوة التي أعلنتها قوات الدعم السريع، والمتمثلة في تشكيل ما أسمته "حكومة السلام الانتقالية" برئاسة قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تمثل تهديداً مباشراً لوحدة السودان وسلامة أراضيه، وتنذر بمزيد من الانقسام السياسي والتفتت الجغرافي، في وقت يعيش فيه السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث.
وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن "قلق بالغ" إزاء تداعيات هذا التحرك الأحادي، محذرين من أنه لا يهدد مستقبل السودان فحسب، بل يضع استقرار المنطقة بأسرها على المحك، نظراً لما قد ينتج عنه من صراعات إقليمية أوسع نطاقاً.
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت، في 26 يوليو الماضي، عبر ما يسمى بـ"التحالف السوداني التأسيسي"، عن تشكيل مجلس رئاسي لحكومة انتقالية، يتولى فيه "حميدتي" منصب الرئيس، ويشغل عبد العزيز الحلو، قائد "الحركة الشعبية/ شمال"، منصب النائب، بينما تم اختيار محمد حسن التعايشي رئيساً للوزراء. وقد قوبل هذا الإعلان برفض واسع من الحكومة والجيش السودانيين، اللذين وصفا الحكومة الموازية بأنها "وهمية" وغير شرعية.
وأكد مجلس الأمن، في بيانه، تمسكه بمبادئ السيادة الوطنية للسودان، داعياً جميع القوى السياسية والمجتمعية إلى العودة فوراً إلى طاولة الحوار، واستئناف المحادثات بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتهيئة بيئة سياسية ملائمة لإطلاق عملية سلام شاملة تشارك فيها جميع الأطراف المؤثرة في الداخل السوداني.
كما حث البيان جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الامتناع عن تقديم أي دعم عسكري أو مالي أو سياسي لأي من أطراف الصراع، لما لذلك من أثر مباشر في إطالة أمد الحرب وتعقيد فرص التسوية. وأكد أن الأولوية القصوى يجب أن تكون لوقف نزيف الدم، وتخفيف معاناة المدنيين الذين يواجهون خطر المجاعة والنزوح الجماعي.
ويأتي هذا التحرك الأممي وسط اتهامات متكررة للإمارات بتقديم دعم عسكري ولوجستي لقوات الدعم السريع، وهي اتهامات سبق أن نفتها أبوظبي، لكن تقارير دولية وإعلامية ما زالت تشير إلى وجود قنوات دعم نشطة، الأمر الذي يزيد من تعقيد الأزمة السودانية ويثير مخاوف من تدويل الصراع.