تعيش الأسواق المصرية حالة من الاضطراب المتزايد مع اقتراب إعلان صندوق النقد الدولي عن استئناف برامجه الإصلاحية في مصر، في وقت تتصاعد فيه موجات الغلاء التي أرهقت الأسر على مدار السنوات الماضية.

ويخشى المواطنون من أن تؤدي السياسات الجديدة إلى ارتفاعات إضافية في الأسعار، وسط تراجع القدرة الشرائية وتآكل دخول شريحة واسعة من الطبقة المتوسطة والفقيرة.

في هذا السياق، تتباين الشهادات بين خبراء اقتصاديين، وتجار، ومواطنين، حول تداعيات المرحلة المقبلة ومدى قدرة المصريين على الصمود في وجه أعباء جديدة.
 

غلاء ينهش جيوب المواطنين
تشهد الأسواق المصرية بالفعل ارتفاعات متتالية في أسعار السلع الأساسية، بدءًا من الخبز والزيت والسكر، وصولًا إلى اللحوم والدواجن والخضروات.
ورغم تراجع القوة الشرائية، يؤكد تجار الجملة أن وتيرة الطلب لم تتوقف، بل تحولت إلى شراء بالكميات الصغيرة نظرًا لضيق دخل الأسر.

أحد المواطنين من الجيزة قال: "أصبحت أكتفي بشراء نصف الكمية المعتادة من الطعام، فالمصاريف الشهرية لم تعد تكفي"
بينما عبر آخر من الدقهلية عن قلقه من العودة المتوقعة لرفع أسعار الكهرباء والوقود ضمن شروط الصندوق.

هذه الشهادات تجسد مأزق الشارع الذي بات محاصرًا بين أسعار ترتفع بلا توقف وأجور ثابتة لا تتغير.
 

برامج الصندوق… إصلاح أم عبء؟
منذ توقيع مصر اتفاقها الأول مع صندوق النقد عام 2016، روجت الحكومة لبرامج الصندوق باعتبارها الطريق نحو الاستقرار الاقتصادي وجذب الاستثمارات.
لكن في المقابل، يرى خبراء أن هذه البرامج رافقها ارتفاع معدلات التضخم، وتراجع قيمة الجنيه، وزيادة غير مسبوقة في المديونية.

الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الخالق فاروق أوضح أن "الصندوق يقدم وصفات جاهزة لا تراعي خصوصية الاقتصاد المصري، ما يؤدي إلى تحميل المواطن كلفة الإصلاح بدلًا من توزيع الأعباء بعدالة".

بينما يشير آخرون إلى أن السياسات المالية المطلوبة مثل تقليص الدعم ورفع أسعار الفائدة، وإن كانت تحقق توازنًا حسابيًا، فإنها تضعف الاستثمار الإنتاجي وتعمق الأزمة الاجتماعية.
 

شهادات من الأسواق
التجار والباعة بدورهم يشتكون من حالة الركود.

أحد أصحاب محلات المواد الغذائية في المنصورة قال: "الزبائن يسألون عن الأسعار ثم يغادرون من دون شراء، أو يكتفون بمنتجات أرخص وأقل جودة".
أما في سوق الخضار بالفيوم، فقد أكد بائع الطماطم أن الأسعار تتغير يوميًا بشكل يربك حركة البيع، مضيفًا أن "الزيادة في أسعار الوقود والنقل تنعكس فورًا على المنتجات الزراعية".

هذه المشاهد تعكس حجم الأزمة التي لم تعد مقتصرة على الأسر الفقيرة، بل طالت شرائح أوسع من المجتمع، حتى الموظفين وأصحاب الدخل الثابت.
 

مستقبل غامض
وأخيرا فالأزمات المعيشية لم تتوقف منذ سنوات، بل تتجدد مع كل موجة غلاء جديدة.
ومع اقتراب الإعلان عن عودة صندوق النقد، تتضاعف المخاوف من أن تترجم هذه السياسات إلى زيادات إضافية في أسعار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والوقود.

في ظل غياب بدائل حقيقية لزيادة الدخل أو تحسين الإنتاج، يبدو أن المصريين مقبلون على مرحلة أشد صعوبة ستفتك بمصالح الفئات المهمشة.