تعيش الحدود بين باكستان وأفغانستان واحدة من أكثر لحظات التوتر العسكري منذ عودة حركة طالبان إلى الحكم عام 2021، حيث اندلعت منذ مساء أمس السبت اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، وسط تبادل للاتهامات بشأن تنفيذ غارات جوية داخل الأراضي الأفغانية.
ويخشى مراقبون أن يقود هذا التصعيد إلى مواجهة مفتوحة بين البلدين الجارين اللذين تجمعهما حدود تمتد لأكثر من 2600 كيلومتر.
پاک فوج کا افغان فورسز کو بھرپور جواب! 🇵🇰
— Dr Zarmina Gul (@Shabzadi92) October 11, 2025
افغان فورسز کی بلا اشتعال فائرنگ پر پاکستانی جوانوں نے آگ کا دریا بہا دیا! 🔥
متعدد افغان پوسٹیں تباہ، درجنوں حملہ آور ہلاک، طالبان پسپا
لاشیں چھوڑ کر بھاگے!#Afganistan pic.twitter.com/3GoGmprw1e
تصعيد ميداني واسع النطاق
وبحسب مصادر محلية في شرقي أفغانستان، فقد شهدت مناطق ولايتي كونار وننغرهار تحركات عسكرية واسعة لقوات تابعة لحكومة طالبان، التي قالت إنها تتجه نحو مواقع حدودية بعد أن اتهمت الجيش الباكستاني بتنفيذ "غارات جوية على العاصمة كابول" ومناطق متفرقة داخل البلاد.
وأكدت وزارة الدفاع الأفغانية في بيان رسمي أن قواتها "خاضت اشتباكات عنيفة ضد مواقع باكستانية في عدة مناطق حدودية"، مشددة على أن "الاعتداءات الجوية التي تنتهك سيادة أفغانستان لن تمرّ دون رد".
وأضاف البيان أن طالبان "لن تسمح لأي طرف خارجي بانتهاك أراضي البلاد أو استهداف مواطنيها تحت أي ذريعة"، في لهجة تصعيدية تعد من الأكثر حدة منذ تولي الحركة مقاليد الحكم.
Pakistani fighter jets are taking off for the Pakistan-Afghanistan border! pic.twitter.com/jwhzeZQuCb
— Fidato (@tequieremos) October 11, 2025
الجيش الباكستاني: نواجه الإرهاب لا أفغانستان
في المقابل، نفى المتحدث باسم الجيش الباكستاني، اللواء أحمد شريف شودري، تنفيذ أي غارات جوية داخل الأراضي الأفغانية، مؤكداً أن العمليات العسكرية الجارية داخل باكستان تستهدف "تنظيمات إرهابية تنطلق من الأراضي الأفغانية"، في إشارة إلى تحريك طالبان باكستان (TTP).
وقال شودري، خلال مؤتمر صحفي بولاية خيبر بختونخوا، إن بلاده "دفعت ثمناً باهظاً للإرهاب"، موضحاً أن القوات الباكستانية نفذت أكثر من 10 آلاف عملية أمنية منذ مطلع عام 2025، قُتل خلالها 970 مسلحاً، بينهم 58 أفغانياً. وأضاف أن الجيش والشرطة فقدا مئات القتلى في تلك المواجهات.
وأشار شودري إلى أن "التساهل مع الإرهابيين أو مَن يؤويهم ليس خياراً"، مؤكداً أن باكستان "ستستخدم كل الوسائل المشروعة لحماية أمنها القومي ووحدة أراضيها".
كما اتهم الهند باستخدام الأراضي الأفغانية "كمنصة لشن أنشطة استخباراتية معادية لباكستان"، محذراً من أن "استمرار الدعم للهجمات العابرة للحدود سيقود إلى عواقب خطيرة على الاستقرار الإقليمي".
پاک افغان بارڈر پر افغانستان کی جانب سے بِلا اشتعال جارحیت/ اپڈیٹ
— PTV News (@PTVNewsOfficial) October 11, 2025
پاکستان فوج کی طرف سے افغان فورسز کے خلاف منہ توڑ جواب بھرپور طریقے سے جاری
رات گئے پاکستانی فورسز بھاری ہتھیاروں کے ساتھ پرجوش انداز میں افغان پوسٹوں کو کامیابی سے نشانہ بنا رہی ہیں، سیکورٹی ذرائع
افغان فورسز… pic.twitter.com/uhUEtghRGR
شبكة علاقات وتحالفات معقدة
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الاتهامات بين الجارتين، أكدت مصادر دبلوماسية أن إسلام آباد تكثف مشاوراتها مع السعودية والإمارات وتركيا والصين والولايات المتحدة لتنسيق الجهود الأمنية في مواجهة ما تسميه "الخطر المتنامي للجماعات المسلحة في المنطقة".
ويرى محللون أن هذا التصعيد يأتي في سياق "توازنات معقدة" بين طالبان التي تحاول إثبات استقلاليتها عن باكستان، وبين الأخيرة التي تجد نفسها محاطة بتهديدات أمنية على طول حدودها الغربية والشرقية مع الهند في آن واحد.
خلفية الصراع: من الدعم إلى الخصومة
منذ استيلاء حركة طالبان على الحكم في كابول عام 2021، دخلت العلاقات بين البلدين مرحلة مضطربة. فبعد أن كانت باكستان توصف لعقود بأنها أحد الداعمين الرئيسيين لطالبان، سرعان ما توترت العلاقات بسبب تصاعد هجمات تحريك طالبان باكستان، التنظيم الذي يتخذ من الأراضي الأفغانية ملاذاً له ويشن عمليات داخل باكستان.
وخلال عام 2024 وحده، سجلت السلطات الباكستانية أكثر من 856 هجوماً مسلحاً نُسبت إلى التنظيم، أدت إلى مقتل المئات من المدنيين والعسكريين، ما دفع إسلام آباد إلى تنفيذ غارات متكررة داخل الأراضي الأفغانية، قالت إنها تستهدف معاقل التنظيم.
لكن طالبان تتهم الجيش الباكستاني بأن تلك الغارات تقتل مدنيين، وتشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة الأفغانية. ففي كانون الأول 2024، أعلنت حكومة كابول مقتل 46 مدنياً في غارات باكستانية استهدفت مخيمات قرب ولايتي خوست وبكتيكا، وهو ما فجر أزمة دبلوماسية حادة أدت إلى إغلاق المعابر الحدودية وتكبّد البلدين خسائر تجارية بملايين الدولارات.
قضايا إضافية تؤجج التوتر
ولا تقتصر أسباب الأزمة على الملف الأمني فحسب، بل تمتد إلى النزاع الحدودي المزمن على خط ديورند، الذي ترفض طالبان الاعتراف به كحد فاصل رسمي بين البلدين. وقد شهدت الأشهر الماضية اشتباكات متكررة بسبب بناء باكستان منشآت عسكرية وجدران حدودية في مناطق متنازع عليها.
كما زاد ملف اللاجئين الأفغان الوضع تعقيداً، إذ أعادت باكستان منذ أواخر عام 2023 أكثر من أربعة ملايين لاجئ إلى أفغانستان، في خطوة وصفتها طالبان بأنها "غير إنسانية" و"انتهاك للقانون الدولي"، وسط أوضاع معيشية وإنسانية قاسية في الداخل الأفغاني.
🏳️🇵🇰
— الصين بالعربية (@mog_china) October 11, 2025
عـــــــــــــــــاجل وغير عادي
🔴 اندلاع اشتباكات حدودية بين أفغانستان وباكستان
الجيش الباكستاني يرسل مقاتلات لقصف مراكز حركة طالبان في أفغانستان.
ماهو معروف حتى الآن:
على الحدود الأفغانية الباكستانية، استولى طالبان على سبع نقاط تفتيش.
طالبان ضد باكستان - 2025.
تتوسع… pic.twitter.com/OGBV4rmlEh
تصعيد سياسي بعد زيارة إلى الهند
ويرى مراقبون أن الجولة الجديدة من التوترات جاءت عقب زيارة غير مسبوقة أجراها وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي إلى الهند الخميس الماضي، حيث عقد مباحثات مع مسؤولين هنود تناولت تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين كابول ونيودلهي.
واعتبرت دوائر سياسية في باكستان أن الزيارة "إشارة سياسية واضحة" إلى رغبة طالبان في تنويع تحالفاتها بعيداً عن النفوذ الباكستاني التقليدي، وهو ما أثار حفيظة إسلام آباد التي ترى في التقارب الأفغاني-الهندي تهديداً استراتيجياً مباشراً.