من العادات غير الصحية التي لطالما حذر الأطباء من خطرها، تصفح الهاتف قبل النوم، وهي عادة قلما يتخلى عنها كثير من الناس غير عابئين بتلك التحذيرات.

لكن الأمر يستحق الحذر إذا كنتِ تحاولين الحمل والإنجاب، فقد كشف الدكتور يد هيمناشو بوراس، استشاري أمراض النساء والولادة والمتخصص في شبكة "فاميلي فيرست" للخصوبة، أن هذه العادة قد تعيق فرص الحمل، لأنه قد يُؤثر سلبًا على الخصوبة.

ويرجع ذلك إلى أن الاستمرار في تصفح الهاتف حتى وقت متأخر من الليل قد يسبب اضطرابًا في النوم، مع آثار سلبية على الصحة الإنجابية لكل من الرجال والنساء.

 

تأخير إطلاق الميلاتونين

وفقًا لـ بوراس: "يؤخر الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف والأجهزة اللوحية إطلاق الميلاتونين، وهو الهرمون الذي يُنبه الجسم إلى حلول وقت النوم. ولا يقتصر دور الميلاتونين على النوم فحسب، بل يحمي البويضات أيضًا من الإجهاد التأكسدي، ويدعم نمو الجنين. لذا، عندما يضطرب النوم، قد تتأثر الخصوبة أيضًا".

وحذر بوراس من أن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي قبل النوم، أو مشاهدة مقاطع الفيديو حتى ساعات الصباح الباكر، "يُغيّر إيقاع الساعة البيولوجية للجسم ويزيد مستويات التوتر، مما يُؤثّر سلبًا على جودة النوم وتوازن الهرمونات".

ويمكن وفقًا لتحذيره أن تعطل قلة النوم الإشارات الهرمونية الدقيقة اللازمة للإنجاب، "يُغيّر النوم مستويات الهرمونات المُلوتنة (LH) والهرمون المُحفّز للجريب (FSH) والإستروجين والبروجيستيرون، وهي جميعها ضرورية للإباضة وانتظام الدورة الشهرية".

أما بالنسبة للرجال، يُقلل قلة النوم المزمنة من مستوى هرمون التستوستيرون، وعدد الحيوانات المنوية، وحركتها.

 

تفاقم مشاكل الخصوبة

وتحذر الأبحاث من أن النساء اللواتي ينمن أقل من سبع ساعات أو أكثر من تسع ساعات ليلاً يتراجع لديهن معدلات نجاح التلقيح الصناعي، بينما يُعاني الرجال الذين يعانون من قلة النوم المزمنة من انخفاض جودة الحيوانات المنوية.

قد يؤدي اضطراب النوم لفترات طويلة إلى تفاقم مشاكل الخصوبة، "لدى النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض، تُفاقم قلة النوم مقاومة الأنسولين وزيادة الأندروجينات".

ويُحذّر بوراس قائلاً: "قد يُسرّع ذلك أيضًا شيخوخة المبايض، بل ويُعجّل بدء انقطاع الطمث". كما أن ارتفاع مستوى الكورتيزول الناتج عن قلة النوم يُثبّط الهرمونات التناسلية، مما يُفاقم المشكلة.

كما أن التأثير النفسي كبير أيضًا، إذ "يشعر المرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم بقلق وإرهاق أكبر، ويجدون رحلة الخصوبة أكثر صعوبة. وهذا يخلق حلقة مفرغة حيث يزيد قلة النوم من التوتر، ويؤدي التوتر إلى اضطراب النوم بشكل أكبر"، بحسب تحذير الطبيب.

وينصح بوراس بإجراء تعديلات بسيطة في نمط الحياة قد تُحقق نتائج ملموسة، ومن ذلك منع استخدام الشاشات لمدة 60 إلى 90 دقيقة على الأقل قبل النوم، مع اعتبار ساعتين الخيار الأمثل لمن يحاولن الحمل أو يخضعن للعلاج.

علاوة على النوم في غرفة نوم مظلمة وباردة، وممارسة الاسترخاء من خلال أنشطة مُهدئة كالقراءة أو التمدد. مع إعطاء أولوية للنوم لأولئك الذين يخضعون للتلقيح الصناعي أو تجميد البويضات.

وأضاف بوراس: "النوم الجيد ركيزة أساسية في علاج الخصوبة. فهو يُحسّن توازن الهرمونات، ويدعم صحة البويضات والحيوانات المنوية، ويساعد المرضى على التأقلم مع حالتهم النفسية. باختصار، النوم الجيد يعني نتائج أفضل".