أعلن صحفيو جريدة وموقع «البوابة نيوز» الدخول في اعتصام مفتوح داخل مقر المؤسسة، احتجاجًا على ما وصفوه بـ«التجاهل المتعمد» من إدارة الجريدة لمطالبهم المتكررة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتوفير بيئة عمل آدمية، وسط انضمام ثلاثة من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين إلى الاعتصام، في خطوة غير مسبوقة تعكس حجم التوتر داخل واحدة من أبرز المؤسسات الإعلامية الخاصة.
اعتصام يبدأ بعد سنوات من الشكاوى… وينتهي إلى طريق مسدود
بحسب ما أكده عدد من صحفيي المؤسسة، فإن الاعتصام جاء بعد سلسلة طويلة من المحاولات الفاشلة للتوصل إلى اتفاق مع الإدارة، التي يترأسها الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، للعمل على تحسين الأوضاع المالية والمهنية للعاملين.
ويقول الصحفيون إن رواتبهم «تتآكل» منذ سنوات، ولا تتجاوز 2000 جنيه شهريًا، في وقت تشهد فيه البلاد موجات متتالية من ارتفاع الأسعار، ما يجعل استمرار الوضع «مستحيلًا» بحسب وصفهم.
ورغم تقديم عشرات الشكاوى لجهات حكومية عدة— تشمل رئاسة مجلس الوزراء ووزارة العمل—لم تتخذ الإدارة أي خطوات فعلية نحو رفع الرواتب أو تحسين البيئة المهنية، وهو ما دفع أكثر من 70 صحفيًا الشهر الماضي إلى تقديم مذكرة رسمية لنقابة الصحفيين، طالبوا فيها بإلزام الإدارة بتطبيق «الأدنى للأجور» وفقًا للقانون.
تضامن نقابي… ووجود ميداني داخل الاعتصام
في مشهد رمزي مؤثر، انضم أعضاء مجلس نقابة الصحفيين الحسيني الزناتي، إيمان عوف، ومحمود كامل إلى الاعتصام داخل مقر المؤسسة. كما زار النقيب خالد البلشي المعتصمين، مؤكدًا دعمه الكامل لمطالب الصحفيين، واصفًا إياها بأنها «عادلة ومشروعة».
وقال البلشي خلال زيارته إن «الأزمة بحاجة لرؤية شاملة تُعيد للصحافة دورها وقدرتها على التعبير والمنافسة، وأن يحصل الصحفيون على حقوقهم كاملة دون انتقاص».
وتأتي زيارة البلشي في إطار تحركات نقابية أوسع، سبق أن بدأت في أكتوبر الماضي حين خاطبت النقابة جميع المؤسسات الصحفية لحثها على الالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وذلك عقب الإضراب الذي نفذه صحفيو «الوفد» للمطالبة بالأمر نفسه.
مفتشو العمل يتدخلون… ومهلة قانونية للإدارة
وفي الأسبوع الماضي، زار مفتشو مكتب العمل مقر الجريدة بناءً على شكاوى العاملين، وأعطوا الإدارة مهلة شهر لتطبيق الحد الأدنى للأجور، وإلا فستُفرض غرامات وفق قانون العمل.
ويستند الصحفيون في مطالبهم إلى قانون العمل رقم 14 لسنة 2025، الذي ينص بشكل واضح على الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، تنفيذًا لتوجيهات عبدالفتاح السيسي.
«بيئة عمل لا آدمية»… ومطالب تمتد إلى ما هو أبعد من الرواتب
إلى جانب الأجور، يؤكد الصحفيون في بيانهم أن مقر الجريدة «يفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الإنسانية والمهنية»، مشيرين إلى غياب التأمين الصحي والاجتماعي، وعدم وجود ترقيات منذ سنوات، وحرمان العاملين من المكافآت والزيادات الدورية والأرباح.
ويقول بعض الصحفيين إن هناك من يعمل في المؤسسة منذ عام 2012 دون أن يحصل على أي ترقية، ما وصفوه بأنه «انتهاك صارخ لحقوق المهنة».
وثيقة كرامة… وصوت جماعي يرفض الصمت
وفي 30 أكتوبر، تقدم 74 صحفيًا بمذكرة رسمية جديدة لنقابة الصحفيين، حملت رقم 5152، اعتبرها العاملون «وثيقة كرامة» تعبّر عن جيل كامل «كتب الحقيقة، فدفنته الإدارة تحتها»، بحسب تعبيرهم.
وحمل البيان لهجة شديدة، حيث قال الصحفيون: «كيف لمن قضى عمره في خدمة الكلمة أن يحصل على راتب لا يتجاوز ألفي جنيه؟ أليس هذا امتهانًا للإنسان قبل المهنة؟».
مطالب واضحة… واعتصام مستمر حتى الاستجابة
ويتمسك الصحفيون بجملة من المطالب الأساسية، أبرزها:
- تطبيق الحد الأدنى للأجور وفق القانون، مع مراعاة سنوات الأقدمية والخبرة.
- تأهيل مقر العمل وتوفير بيئة مهنية لائقة.
- تطبيق منظومة تأمين صحي واجتماعي شاملة لكل العاملين.
- إقرار لائحة مالية وإدارية تضمن العدالة والشفافية.
- تشكيل لجنة نقابية تدافع عن حقوق العاملين.
ويؤكد المعتصمون أن تحركهم سلمي ويحافظ على سير العمل داخل الجريدة، مشددين على أنهم لن ينهوا اعتصامهم إلا بعد تحقيق كل مطالبهم القانونية.
تضامن واسع… وغضب يتصاعد عبر مواقع التواصل
على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن عشرات الصحفيين من مؤسسات مختلفة تضامنهم مع زملائهم في «البوابة نيوز»، معتبرين أن الأزمة «تعكس واقعًا مأزومًا يعانيه قطاع الصحافة الخاص في مصر».
كما كتب عضو مجلس النقابة محمود كامل على «فيسبوك»: «كل الدعم لكل تحركات زملائنا في البوابة للحصول على حقوقهم المشروعة».

