بعد أكثر من 12 عامًا على الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي أجهض تجربة أول حكم مدني في تاريخ مصر، لم تتوقف التساؤلات حول أسباب ما حدث في ذلك الوقت، وكيف كانت قراءة "الإخوان المسلمين" للمشهد، ولماذا لم يتم اتخاذ مضادة قبل وصول إلى مشهد الانقلاب في 3 يوليو 2013.
الدكتور مراد علي، المتحدث باسم حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي للإخوان أنذاك، أقر بارتكاب سلسة من الأخطاء في التعامل مع الأحداث التي وقعت خلال فترة حكم الرئيس مرسي في بودكاست "الرحلة" عبر منصة موقع "عربي 21".
حقيقة الدولة العميقة
وقال إن "من الأخطاء الأساسية التي وقعنا فيها في 2013، ليس فقط قصور القراءة الدقيقة لدور المؤسسة العسكرية في التمهيد ل30 يونيو وما تلاها، بل أيضًا التقصير في مصارحة الشعب بحقيقة أدوار الدولة العميقة".
وأضاف: "فقد ظلّت السردية التي نرددها أن هناك تعاونًا مع المؤسسات القائمة، في حين أن هذه المؤسسات كانت العائق الأكبر أمام تمكين الرئيس محمد مرسي من ممارسة صلاحياته الدستورية، بل وكانت شريكًا فاعلًا في التآمر على مكتسبات ثورة يناير وإجهاض مسارها".
وأرجع هذا التردّد إلى عاملين رئيسين:
أولًا: الطبيعة الإصلاحية لجماعة الإخوان المسلمين
فالجماعة بطبيعتها تميل إلى التدرّج، وتُفضّل الوصول إلى نقاط توافق بدل المواجهة، حتى في اللحظات التي يكون فيها “البتر” هو الخيار الوحيد لإنقاذ الجسد من التسمّم.
ثانيًا: الخوف من إظهار الرئاسة والحزب بمظهر الضعف
كانت هناك خشية أن يظن الشعب أن القيادة لا تسيطر على مفاصل الدولة، فاختير السكوت على حقيقة الصراع الداخلي بدل كشفه للرأي العام.
بيد أنه رأى أن "هذا الصمت منح الطرف الآخر مساحة أوسع للتحرّك، ورسّخ سردية مفادها أنّ الإخفاقات سببها سوء إدارة من الرئيس وفريقه وليس تآمر المؤسسات ضده".
مصارحة الشعب ضرورة وليست مخاطرة
وقال إن "الدرس المستفاد: مصارحة الشعب بالحقيقة ليست مخاطرة، بل ضرورة. فالشعوب تملك القدرة على الفهم، وعلى دعم القيادة متى شعرت بأنها شريكة في صناعة القرار، لا متفرّجة على نتائج غامضة لا تعرف خلفياتها".
وتابع: "كما تؤكد التجربة أن أي مشروع تغيير لا يمكن أن ينجح دون إصلاح جذري في الهياكل والثقافات والنظم داخل مؤسسات الدولة. فالثورات لا تُبنى فوق مؤسسات قديمة تحاربها من الداخل، ولا تُدار بعقلية الإحسان وحسن الظن، بل بمنهج واضح يقوم على إعادة الهيكلة، والمحاسبة، والتطهير، وتجديد الثقافة الإدارية بما يضمن ولاء المؤسسات للدولة لا للعصبيات والمصالح المتجذّرة".
وأردف علي، قائلاً: ولعل الدرس الأعمق هو أن التسويات مع الدولة العميقة، مهما بدت واقعية في المدى القصير، تنتهي عادة بتقويض مشروع الإصلاح نفسه".
الرئيس مرسي لم يعط الفرصة كاملة
ولدى سؤاله حول كيف تقرأ تجربة الرئيس محمد مرسي؟، أجاب علي: "المشروع لم يختبر، لنأنا عندما ندير شركة أو مؤسسة نعطي الرئيس التنفيذي المهلة لإجراء الإصلاحات، ونعطيه الصلاحيات، وإذا لم تعط الرئيس الصلاحيات، أو الفرصة لتنفيذ أجندته، على العكس وضعت أمامه العراقيل، فلا تستطيع أن تقول إن المشروع تم اختباره، وإن كان هذا لا يعفي حزب الحرية أو الإخوان أو الثوار أو الدكتور مرسي من المسؤولية".
وفسّر عدم خروج الرئيس في ذلك الوقت ليقول: "إنني لا أستطيع أن أحكم أو أن هناك عراقيل"؟، قائلاً: " الرئيس مرسي شكل أول وزارة في أواخر شهر يوليو، لكنها لم تمنح الفرصة، وبعد أحداث الاتحادية شكل حكومة ثانية، بدأت تشهد بعض مؤشرات النجاح مع وزير التموين باسم عودة، ويحيى حامد وزير الاستثمار، دون أن نقول إن هناك طفرة حدثت".
30 يونيو إنذار لتصحيح المسار
وأضاف: "كان هناك تخيل لدى قادة حزب الحرية والعدالة بأن 30 يونيو هي مجرد إنذار كي تصحح المسار، وأننا لابد أن نتخذ موقفًا حاسمًا من الدولة العميقة، ويتم تصحيح المسار في اتجاهات متعددة، وبالتالي لم يكن أحد يتوقع أن يكون انقلابًا بهذه الصورة، فكان الأمل أن هناك فرصة 3 سنوات من فترة الرئاسة لتصحيح المسار، وتتخذ إجراءات تصحيحية، وتزيل العوائق والناس التي تسبب العراقيل في الإصلاح".
واعترف بأن خطاب الرئيس مرسي في أواخر يونيو 3013 الذي فضح فيه "الدولة العميقة"، جاء متأخرًا بعد أن "سبق السيف العزل"، ولكن يفترض أن يكون مبكرًا، مشيرًا إلى أن الجيش هو الذي يقف وراء المشهد، وأنه كان يرتب، وأن الدولة العميقة كانت تنظم مع بعض الجهات الخارجية، وأن السيناريو كان يعد لإعداد مشهد في 30 يونيو، ومن ثم إخراجه في 3 يوليو.
من الأخطاء الأساسية التي وقعنا فيها في 2013 ، ليس فقط قصور القراءة الدقيقة لدور المؤسسة العسكرية في التمهيد ل30 يونيو وما تلاها، بل أيضًا التقصير في مصارحة الشعب بحقيقة أدوار الدولة العميقة
— Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) November 19, 2025
فقد ظلّت السردية التي نرددها أن هناك تعاونًا مع المؤسسات القائمة، في حين أن هذه المؤسسات… pic.twitter.com/ISQ1Sg6Qw8

