قررت الدائرة الثانية إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في مجمع بدر الأمني، تجديد حبس القيادي العمالي شادي محمد وخمسة آخرين لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 1644 لسنة 2024 حصر نيابة أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلاميًا باسم قضية بانر دعم فلسطين، وذلك رغم تغيّب شادي عن الحضور بسبب إيداعه مستشفى سجن برج العرب، وفق ما أكده محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إسلام سلامة.

 

اعتقالات بدأت بـ"بانر تضامن مع غزة"

 

تعود وقائع القضية إلى 29 أبريل من العام الماضي، حين أُلقي القبض على شادي محمد أمام منزله في الإسكندرية، بعد يوم واحد من توقيف خمسة شباب آخرين من منازلهم. وفي اليوم التالي ظهر الجميع أمام نيابة أمن الدولة العليا، وتركزت التحقيقات حول قيامهم بـ تعليق لافتة تضامن مع الشعب الفلسطيني على أحد الكباري بمدينة الإسكندرية، تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة.

 

ورغم الطبيعة السلمية للواقعة، وجّهت النيابة لشادي محمد اتهامات ثقيلة بينها "تأسيس جماعة إرهابية"، بينما نُسب للشباب الخمسة الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وتكدير السلم العام، والاشتراك في تجمهر يهدف إلى الإخلال بالنظام العام.

 

غياب المتهم الرئيسي.. وحضور عبر الفيديو

 

أوضح المحامي إسلام سلامة أن شادي لم يظهر بجلسة التجديد بسبب نقله إلى مستشفى السجن، فيما حضر المتهمون الخمسة الآخرون عبر الفيديو من سجن العاشر من رمضان. وقال سلامة إن الدفاع طالب بإخلاء سبيلهم جميعًا، مشيرًا إلى غياب أي مستجدات حقيقية بالملف منذ أول جلسة حبس قبل عام ونصف، وأن التحقيقات مغلقة ولا تتضمن أدلة تُبرر استمرار احتجازهم.

 

وأضاف: "كل ما فعله المتهمون هو تعليق بانر تضامن مع غزة، ولم يرتكبوا أي فعل ينطوي على نشر أخبار كاذبة أو التجمهر كما جاء في اتهامات النيابة".

 

وطالب سلامة بمساواتهم بآخرين سبق إخلاء سبيلهم من قضايا مشابهة مرتبطة بالتضامن مع الشعب الفلسطيني.

 

إضراب عن الطعام استمر أكثر من 4 أسابيع

 

في 29 يناير الماضي بدأ شادي محمد إضرابًا كاملاً عن الطعام احتجاجًا على ما وصفه بـ "التغريب" التعسفي من سجن العاشر من رمضان إلى سجن برج العرب، وتجريده من متعلّقاته، قبل أن تنطلق حملة تضامن واسعة تطالب بالكشف عن مكانه وضمان سلامته الجسدية والنفسية.

 

ظل شادي مضربًا لأكثر من أربعة أسابيع، قبل أن ينهي الإضراب إثر تحسن المعاملة داخل السجن، بحسب ما نقلته زوجته عقب زيارتها له في مستشفى السجن.

 

خلفية نقابية ومسار طويل من الاستهداف

 

شادي محمد يُعتبر أحد أبرز القيادات النقابية المستقلة في الإسكندرية؛ إذ كان قياديًا في النقابة المستقلة لعمال شركة "لينين جروب" بالعامرية قبل فصله في 2019 بسبب مشاركته في احتجاجات عمالية. كما أنه أحد مؤسسي "المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية".

 

تعرض شادي للاعتقال سابقًا في أكتوبر 2022 من داخل أتوبيس الشركة التي كان يعمل بها، ووجّهت له اتهامات مشابهة قبل إخلاء سبيله بعد ثلاثة أسابيع.

 

المشهد الأوسع: موجة اعتقالات مرتبطة بالتضامن مع فلسطين

 

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، شهدت مصر موجة توقيفات واسعة بحق مواطنين شاركوا في أنشطة سلمية مؤيدة لفلسطين. وتشير بيانات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى اعتقال 186 شخصًا في 16 قضية مختلفة أمام نيابة أمن الدولة، على خلفية تظاهرات، أو رفع لافتات، أو المشاركة في جهود الإغاثة.

 

وفي أكتوبر الماضي فقط، أخلت النيابة العامة سبيل 38 متهمًا في قضايا مرتبطة بدعم فلسطين، كما تم إخلاء سبيل ثلاثة نشطاء من "أسطول الصمود المصري" بعد تظاهرة أمام مقره الرئيسي في الدقي.