علق موقع "ميدل إيست 24" على "الخطوط الحمراء" التي أعلنتها مصر فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة السودان في أعقاب اللقاء بين قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة في السودان عبدالفتاح البرهان، قائلاً: إن هذا يكشف عن التوازن الدقيق بين حماية الاستقرار الإقليمي واحترام السيادة في منطقة القرن الأفريقي التي تشهد تفتتًا متزايدًا.

 

مخاطر التفكك السوداني


وأضاف أن تحذير مصر الشديد من احتمال تفكك السودان يأتي في منعطف حاسم من تاريخ المنطقة. فمنذ الانقلاب العسكري عام 2021، وما تلاه من اندلاع حرب أهلية في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بات السودان على حافة الانهيار التام. وقد حصد الصراع آلاف الأرواح، وشرّد الملايين، وخلق ما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

 

وتابع: "بالنسبة لمصر، لا يقتصر استقرار السودان على كونه مسألة جوار فحسب، بل هو مسألة وجودية. يتشارك البلدان حدودًا تمتد على مسافة 1276 كيلومترًا، والأهم من ذلك، مياه نهر النيل. أي تفكك للسودان قد يُنشئ دولًا متعددة تتنازع على حقوق مياه النيل، مما يُهدد بشكل جوهري أهم موارد مصر"، فيما اعتبر أن توقيت زيارة قائد الجيش السوداني إلى القاهرة يؤكد على مدى إلحاح هذه الأزمة في نظر القيادة المصرية.

 

ديناميكيات القوة الإقليمية في العمل

 

ورأى الموقع أن استناد مصر إلى "حقها في حماية الأمن القومي" يشير إلى تحول محتمل نحو تدخل إقليمي أكثر حزمًا. ويُردد هذا الخطاب مبررات مماثلة تستخدمها قوى إقليمية في الشرق الأوسط وأفريقيا عند تدخلها في نزاعات الجوار، إلا أنه يثير أيضًا تساؤلات مقلقة حول حدود السيادة، وما قد تُرسيه مثل هذه التصريحات من سابقة في النزاعات الإقليمية المستقبلية.

 

لكنه أوضح أنه يجب فهم الموقف المصري في سياق أوسع يتمثل في تنافس المصالح الإقليمية في السودان. فقد وُجهت اتهامات إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا بدعم فصائل مختلفة في الصراع، تسعى كل منها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية الخاصة. 

 

وقال إنه "يمكن قراءة إعلان مصر عن "الخط الأحمر" على أنه بمثابة تحذير لهذه الجهات الخارجية، وتأكيد على أولوية القاهرة في تحديد مستقبل السودان".

 

الشبح الاستعماري 


وفي تعليقه على موقف مصر تجاه السودان، استحضر الموقع الذكريات التاريخية عن التدخلات الاستعمارية وما بعد الاستعمارية في الشؤون الأفريقية، فبينما يصوّر المسؤولون المصريون موقفهم على أنه دفاع عن وحدة أراضي السودان، قد يرى معارضون أن اعتبار الشؤون الداخلية لدولة أخرى "خطاً أحمر" يمثل شكلاً من أشكال الأبوية الاستعمارية الجديدة. وقد عانت السياسة الأفريقية من هذا التوتر بين الاستقرار وحق تقرير المصير منذ الاستقلال، وتُبرز أزمة السودان هذا التوتر مجددًا بشكل جليّ.

 

وأضاف أن المجتمع الدولي يواجه معضلة عميقة: هل ينبغي تشجيع القوى الإقليمية على منع انهيار دول الجوار، حتى لو كان ذلك يعني التنازل عن مبدأ عدم التدخل؟، معتبرًا أن الإجابة تكمن في تحذير مصر الذي يعطي الأولوية للاستقرار الإقليمي ومصالحها الأمنية على الالتزام الصارم بمعايير السيادة.

 

نظرة مستقبلية: ثمن الحماية 


وراى التقرير أن إعلان مصر قد يُسهم في منع التفكك الكامل للسودان، لكنه يُنذر أيضًا بترسيخ الديناميكيات التي أدت إلى الأزمة الراهنة. فمن خلال تقديم نفسها كضامن لوحدة السودان، قد تُوفر مصر، دون قصد، غطاءً لاستمرار الحكم العسكري، وتُؤجل العمل الشاق المتمثل في بناء مؤسسات ديمقراطية شاملة قادرة على معالجة الأسباب الجذرية للصراعات في السودان.

 

وقال: بينما يتصارع المجتمع الدولي مع تزايد حالات فشل الدول من منطقة الساحل إلى القرن الأفريقي، يطرح تدخل مصر سؤالاً جوهريًا: في عصر الدول الهشة وعدم الاستقرار الإقليمي، من يقرر متى يجب أن تتنازل السيادة عن الأمن؟، وما هو الثمن الذي سيدفعه تطلعات الشعوب الساعية إلى تقرير المصير؟


https://middleeast24.org/egypt-vows-to-prevent-sudan-secession-amidst-sovereignty-concerns/