لم تعد عبارات التحذير الدبلوماسية تجدي نفعاً في وصف الكارثة الاقتصادية التي تعيشها مصر، بل جاء تشخيص الدكتور حسن الصادي، الخبير الاقتصادي والمالي، قاطعاً وحاسماً: "الاقتصاد المصري ضرب فيه سرطان اسمه الديون".
هذا التوصيف المرعب ليس مجرد رأي عابر، بل هو نعي رسمي لمستقبل دولة باتت إيراداتها بالكامل لا تكفي حتى لسداد فوائد الديون، ناهيك عن أصل الدين نفسه.
الفيديو الذي تداوله النشطاء للصادي يمثل وثيقة إدانة دامغة لنظام عبد الفتاح السيسي، الذي تحول من إدارة الدولة إلى "سمسرة الأوطان"، مقايضاً سيادة مصر وأصولها التاريخية بمديونيات هو من خلقها لتمويل مشاريع "الشو" والقصور الرئاسية.
وهم السداد وخديعة "مبادلة الديون".. الدائن يختار ومصر تدفع الثمن
كشف "الصادي" في حديثه عن الآلية الخبيثة التي يتبعها النظام للهروب من استحقاقات الديون، وهي "مبادلة الديون بالأصول". هذه الجريمة الاقتصادية يتم تسويقها للعامة تحت مسميات "الاستثمار" و"الشراكة"، مستغلين جهل البسطاء بالمصطلحات الاقتصادية المعقدة.
لكن الحقيقة التي عراها الخبير الاقتصادي هي أن الدائن (سواء كان صندوق النقد أو دولاً إقليمية) لا يقبل بأي أصل، بل "ينتقي ويختار" أفضل ما في مصر من "الكريمة" الاقتصادية؛ الموانئ الاستراتيجية، الأراضي المميزة، والشركات الرابحة.
نحن أمام عملية "تصفية" ممنهجة لممتلكات الشعب المصري، حيث يتحول الدائن إلى مالك حقيقي للأرض والمقدرات، بينما يتحول المصريون إلى مجرد "سكان" في وطن لم يعودوا يملكون فيه حجراً، وكل ذلك لتغطية عجز نظام فاشل أدمن الاستدانة.
دولة "الإفلاس المقنع".. الإيرادات تتبخر في محرقة الفوائد
أخطر ما في تصريحات الصادي هو كشفه لحقيقة العجز المالي المطلق؛ فإيرادات الدولة السيادية (ضرائب، قناة سويس، تحويلات) تذهب بالكامل لسداد "فوائد الدين" فقط. هذا يعني أن الدولة فعلياً "مفلسة" وعاجزة عن تقديم أي خدمات حقيقية في التعليم أو الصحة أو البنية التحتية إلا عبر مزيد من الاستدانة أو الجباية من جيوب الفقراء.
هذا الوضع الكارثي يؤكد أن مصر لا تعيش أزمة عابرة، بل هي في مرحلة "الموت السريري" للاقتصاد، حيث يتم تدوير الديون بديون جديدة بفوائد أعلى، في دوامة لا نهائية يدفع ثمنها المواطن من قوت يومه ومن مستقبل أبنائه. النظام، بدلاً من الاعتراف بالفشل وتغيير المسار، يختار الحل الأسهل والأخطر: بيع "لحم الحي" لسداد فوائد الديون، تاركاً الجسد المصري يذوي حتى الفناء.
#فاصلة_ومنقوطة
— Rania Badawy (@RaniaBadawy) December 19, 2025
حوار صادم مع د.حسن الصادي
أستاذ اقتصاديات التمويل كلية التجارة جامعة القاهرة
- كل إيرادات الدولة لا تكفي لسداد فوائد الدين الداخلي والخارجي،
فما بالك بـ أصل الدين؟
- الأخطر أن استحقاقات أصل الدين تُسدد ببيع أصول الدولة.
ومبادلة الديون تعني اقتصاديًا شيئًا واحدًا:… pic.twitter.com/B9CWWTso7Y

