في فصل جديد من فصول "الكوميديا السوداء" التي تعيشها مصر، أثار خبر تقدم البلطجي الشهير صبري نخنوخ بطلب رسمي لـ "رد الاعتبار" صدمة واسعة في الأوساط السياسية والحقوقية.

 

نخنوخ، الذي كان حتى وقت قريب يقضي عقوبة بالسجن المؤبد في قضايا بلطجة وحيازة أسلحة، بات اليوم وجهاً اجتماعياً يُكرّم في المحافل الرسمية، ويطمح لممارسة حقوقه السياسية كاملة.

 

النشطاء يرون في هذه الخطوة إعلاناً صريحاً عن هوية "الدولة الجديدة" التي تتصالح مع البلطجة وتقننها، بينما تواصل التنكيل بأصحاب الرأي والسياسيين الشرفاء في السجون.

 

من "العفو الصحي" إلى "وزارة داخلية الظل"

 

بدأت موجة الانتقادات بتسليط الضوء على المفارقة الصارخة بين معاملة الدولة لنخنوخ ومعاملتها للمعتقلين السياسيين.

 

الكاتب عمار علي حسن التقط هذا التناقض ببراعة، مشيراً إلى أن نخنوخ خرج بعفو صحي رغم أنه يتمتع بصحة وبنيان قوي "كالعصبة أولي القوة"، وها هو يطلب رد اعتباره وسيحصل عليه، بينما يموت السياسيون وأصحاب الرأي السلميون في السجون من الإهمال الطبي، واصفاً المشهد ببيت المتنبي "وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء".

 

 

وفي السياق ذاته، أوضح د. سام يوسف تفاصيل هذه "المسرحية"، مشيراً إلى أن نخنوخ خرج بعفو من السيسي في 2018، والآن يطلب رد اعتبار تعويضاً عن سجنه في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي بتهم البلطجة والمخدرات، في محاولة لمحو تاريخه الجنائي بقرار قضائي.

 

 

لم يقف الأمر عند العفو، بل تحول نخنوخ إلى شخصية "VIP". المجلس الثوري المصري أشار إلى الكارثة الأكبر وهي تكريم نخنوخ في "ملتقى المستثمرين الأفرو-آسيوي" بصفته رئيس شركة "فالكون"، معتبراً أن النظام حول البلطجة غير المنظمة إلى "مافيا مقننة" ومليشيات رسمية، وأن نخنوخ هو "خير من يمثل نظام السيسي".

 

 

وعن دلالات هذا التكريم، رأى الإعلامي شريف منصور أنه "تعبير حقيقي عن واقع الحال في مصر بدون أي شرح"، فتكريم بلطجي معروف هو رسالة مقصودة من السلطة لتأكيد هويتها.

 

 

بينما ذكر الصحفي عبدالحميد قطب بالسجل الأسود لنخنوخ الذي يتم تبييضه برعاية وزارة الصحة، مشيراً لاتهامات سابقة له بالتورط في تفجير كنيسة القديسين والتخابر لصالح إسرائيل.

 

 

"بانر" الانتخابات القادم: مرشحكم "رمز المطوة"

 

المخاوف لم تتوقف عند تبييض السجل، بل امتدت لتوقعات بترشحه للبرلمان. الصحفية عائشة السيد سخرت بمرارة من الخبر، متخيلة سيناريو استيقاظ المصريين على لافتات دعاية انتخابية تقول "مرشحكم المعلم صبري نخنوخ.. ابنكم البار.. رمز المطوة"، مؤكدة أن رد الاعتبار يعني قانوناً حقه في الترشح وتولي المناصب العامة.

 

 

الإعلامي هيثم أبوخليل وجه رسالة ساخرة لنخنوخ قائلاً "يا خلبوص عايز تترشح في الانتخابات!"، مذكراً بأن نخنوخ أدين بـ 28 عاماً وتم "الطرمخة" على تهم أخلاقية وجنائية خطيرة مثل الدعارة والتزوير، ليخرج بعد 6 سنوات فقط ويطلب الآن إسقاط كل شيء.

 

 

وهو ما أكدته الإعلامية دعاء حسن التي أشارت بتهكم إلى أن نخنوخ يريد رد اعتباره بعد "الظلم" الذي تعرض له، في إشارة للمظلومية المصطنعة التي يروج لها.

 

 

واختتمت الناشطة نسرين نعيم هذا المحور بتنبؤ سوداوي قائلة إننا سنرى قريباً الموافقة على الطلب، ثم نرى "الأستاذ الدكتور صبري نخنوخ مرشحكم لمجلس الشعب 2031".

 

 

دولة "العصابة": مثلث العرجاني ونخنوخ وطلعت مصطفى

 

يرى النشطاء أن ما يحدث ليس حالة فردية، بل نهج دولة.

 

الحقوقي د. يحيى غنيم وضع نخنوخ في سياق أوسع، واصفاً إياه بـ "وزير داخلية الظل"، ومقارناً صعوده بصعود إبراهيم العرجاني الذي وصفه بـ "الرجل الثاني في الدولة" الذي يتخطى رئيس الوزراء.

وأكد غنيم أنك تستطيع انتقاد أي مسؤول في مصر إلا "الذات البلحية أو الهيبة العرجانية"، في إشارة للحصانة المطلقة لرجال "البيزنس القذر".

 

 

الشاعر شادي جاهين ربط الأمر بسابقة هشام طلعت مصطفى (المدان بالقتل)، معتبراً أن نخنوخ يسير على نفس الخطى في طلب "رد الاعتبار" الذي أصبح حقاً حصرياً للمجرمين المرضي عنهم.

 

 

وأخيراً، لخص الناشط محمد عبدالرحمن الموقف بسؤال استنكاري يعكس حالة الذهول: "عرفت دولة السيسي شكلها إيه ولا لسه عقلك رافض يصدق اللي عنيك شايفاه؟"، مؤكداً أن الواقع تجاوز كل خيال في تحول الدولة لراعية للبلطجة.