أثارت صفقة بيع فيلا فاخرة داخل كمباوند «القطامية هايتس» بالقاهرة الجديدة موجة واسعة من الجدل، بعد الإعلان عن بيعها مقابل نحو 866 مليون جنيه، في واحدة من أغلى صفقات بيع الوحدات السكنية في تاريخ السوق العقاري المصري، وهو رقم اقترب من حاجز المليار جنيه، وفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول منطق التسعير، وطبيعة الطلب، ومستقبل سوق العقارات في البلاد.

 

الفيلا محل الصفقة، وبحسب مختصين في القطاع، لا تُصنف كقصر تاريخي، ولا تحمل قيمة معمارية أو فنية استثنائية تبرر هذا السعر القياسي، ما جعلها تتحول من مجرد وحدة سكنية فاخرة إلى قضية رأي عام اقتصادي، أعادت طرح أسئلة مؤجلة حول علاقة أسعار العقارات بالواقع الاقتصادي ومستويات الدخل في مصر.

 

صفقة غير مسبوقة وأسئلة بلا إجابات

 

بيع فيلا واحدة بهذا الرقم الضخم داخل كمباوند سكني، حتى وإن كان من أكثر التجمعات السكنية رفاهية في القاهرة الجديدة، اعتبره خبراء مؤشراً واضحاً على انفصال سوق العقارات الفاخرة عن المنطق الاقتصادي التقليدي، حيث لم تعد الأسعار مرتبطة لا بتكلفة البناء، ولا بالعائد الاستثماري، ولا حتى بالقيمة العقارية طويلة الأجل.

 

ويرى مختصون أن هذه الصفقة لا تعكس طلباً حقيقياً نابعاً من احتياجات سكنية، بقدر ما تعكس تحول العقار إلى مخزن آمن للثروة، في ظل تراجع الثقة في أدوات استثمارية أخرى، وتقلبات سعر الصرف، وارتفاع معدلات التضخم.

 

فجوة متسعة بين الأسعار والدخول

 

خبراء اقتصاديون اعتبروا الصفقة دليلاً صارخاً على اتساع الفجوة بين أسعار العقارات ومستويات الدخل الفعلية لغالبية المواطنين، مشيرين إلى أن الغالبية الساحقة من المصريين باتت عاجزة حتى عن تملك وحدات إسكان متوسط، في وقت تُسجل فيه صفقات فلكية في شريحة الإسكان الفاخر.

 

ويؤكد هؤلاء أن السوق لم يعد يعكس احتياجات المجتمع بقدر ما يخدم شريحة محدودة جداً من الأثرياء والمستثمرين، ما يهدد بتحول العقارات من قطاع تنموي إلى فقاعة سعرية منفصلة عن الواقع الاجتماعي.

 

تركّز النمو في الإسكان الفاخر

 

تقارير بحثية حديثة لفتت إلى أن النمو الحقيقي في السوق العقاري المصري بات يتركز بشكل شبه كامل في الوحدات الفاخرة والكمباوندات المغلقة، مقابل تراجع ملحوظ في المعروض من الإسكان الاقتصادي والمتوسط، رغم أنه يمثل الطلب الحقيقي في السوق.

 

هذا الخلل في هيكل العرض والطلب، بحسب محللين، يعكس سياسات عمرانية واستثمارية تفضّل الربحية السريعة على حساب التوازن الاجتماعي، وتؤدي إلى تعميق أزمة السكن بدلاً من حلها.

 

الاقتصاد يدفع الثمن

 

تحليلات اقتصادية حذرت من أن استمرار تكديس الثروة في العقارات، خاصة في ظل ضعف الضرائب المباشرة على الثروة والمضاربة العقارية، يؤدي إلى سحب السيولة من قطاعات إنتاجية حيوية مثل الصناعة والزراعة، ما يضعف قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة.

 

ويرى خبراء أن هذا المسار يعمّق ما يُعرف بـ«الفجوة الاستثمارية»، حيث تتجه الأموال إلى أصول جامدة لا تضيف قيمة إنتاجية، بدلاً من توجيهها إلى قطاعات قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد وزيادة الناتج المحلي.

 

https://x.com/RassdNewsN/status/2003819987991969868