شهدت منصات التواصل الاجتماعي موجة تفاعل غير مسبوقة عقب إعلان استشهاد القائد حذيفة الكحلوت "أبو عبيدة"، المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، الذي استشهد متأثرًا بجراحه في 29 ديسمبر 2025 بعد قصف إسرائيلي استهدفه في أغسطس الماضي. أطلق المستخدمون عدة وسوم للتعبير عن الحزن والتضامن، أبرزها #أبوعبيدة و #الشهداء و #فلسطين و #كتائب_القسام، إضافة إلى وسوم باللغة الإنجليزية مثل #AbuObaida و #Martyrs. تصدرت الوسوم قوائم الأكثر تداولًا في عدد من الدول العربية والإسلامية، كما لاقت تفاعلًا من ناشطين أجانب عبّروا عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية.

 

الرجل الذي ظل ملثمًا لسنوات، والذي ارتبط صوته الحازم بالمقاومة والصمود، كشفت كتائب القسام عن وجهه لأول مرة بعد استشهاده، ليرى العالم الوجه الذي ظل مخفيًا خلف اللثام الأحمر. ابن مخيم جباليا المولود في السعودية عام 1985، والذي تفوق في الثانوية العامة بنسبة تجاوزت 95%، اختار طريق الجهاد رغم إمكانية دراسة أي تخصص، فدرس أصول الدين وكرّس حياته للمقاومة حتى استشهد مع زوجته وأبنائه في عملية اغتيال جبانة.

 

موجة تضامن عالمية: وسوم تتصدر وقلوب تنزف

 

تراوح المحتوى المتداول بين رسائل نعي ودعاء للشهيد، وصور ومقاطع فيديو توثق مسيرته وخطاباته السابقة، إلى جانب مقاطع من بيانات جماعة الإخوان المسلمين التي وصفته بـ"القائد البطل" ورمز الصمود. اعتبر مراقبون أن هذا الزخم الرقمي يعكس مكانة أبو عبيدة كرمز للمقاومة، وأن التفاعل الشعبي عبر الوسوم يبرز استمرار حضور القضية الفلسطينية في وجدان الملايين، رغم محاولات التعتيم الإعلامي.

 

كتب لاعب منتخب مصر السابق محمد أبو تريكة تعليقًا على استشهاد أبو عبيدة بالآية الكريمة "ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه". فيما علق الشيخ حاتم الحويني قائلاً: "إنّ أمّتَنا لا تموت وإن ألمَّ بها المرض، وإن تكاثرت عليها الجراح، لا تُقهر؛ فهي بأبطالها عصيّة على الانكسار، وبعزمهم أصلب من الحديد".
 

 

أما المذيع والصحفي حفيظ دراجي فقدم نعيًا مؤثرًا: "بعد إعلان استشهاده، أبو عبيدة، دون لثام، يتحدث عن الشهادة، ومراتبها، وفضلها، ومعانيها السامية في ميزان العقيدة والتضحية.. كلمات صادقة تخرج من القلب، وتلامس الوجدان".
 

 

شهادات من عرفوه: ابن المخيم الذي صار رمزًا عالميًا

 

كتب الشيخ محمود الحسنات عن معرفته الشخصية بأبو عبيدة: "هذا هو أبو عبيدة الناطق باسم القسام.. ابن مخيمي مخيم جباليا الذي ولدت فيه.. كان ابن المخيّم، لا يعرف من الدنيا إلا قدر ما يُقيم صلبه، ولا يحمل من الزاد إلا ما يبلّغه إلى الله. كم شرفتُ بالسلام عليه، وكم جلستُ معه، عرفتُه نقيًّا… نقاء من صفّى سريرته قبل علانيته، زاهدًا… كأن الدنيا كانت تمرّ بقربه ولا تسكنه". وأضاف أن المصحف كان رفيق يده، والذكر أنيس صدره، والصفّ الأوّل موعده الدائم.

 

 

د. فايز أبو شمالة روى لقاءه الوحيد مع أبو عبيدة قبل خمسة عشر عامًا: "التقيت مع أبي عبيدة لمرة واحدة فقط، وبالصدفة.. كان أبو عبيدة خارجاً من الاستديو، وكنت أنا داخل إلى الاستديو، فالتقينا لدقائق.. مد يده، وصافحني، وشد على يدي.. قلت له: من أنت يا رجل؟.. لقد انتهى لقاؤك عبر الفضائية، فارفع اللثام كي أراك.. قال: لا داعي لأن تراني، وستعرف اسمي بعد سنين!".

 

 

المحلل السياسي الفلسطيني سعيد زياد كشف أن أبو عبيدة ينتمي لإحدى أعرق العائلات في قطاع غزة، وأن والده الشهيد الشيخ أبو صهيب سمير الكحلوت كان أحد رجال الدعوة الأوائل. وأضاف: "كان ذكياً ألمعياً منذ طفولته، وتفوق في الثانوية العامة، وحصل على أكثر من 95%، ثم درس في كلية أصول الدين رغم استطاعته أن يدرس في أي كلية يشاء".

 

 

من بيت الحكم القطري إلى فلسطين: رسائل خلدت ذكرى الشهيد

 

من بيت الحكم القطري، كتب الأمير فيصل بن جاسم آل ثاني حديثًا نبويًا: "عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: عينان لا تمسهما النار.. عين بكت من خشية الله.. وعين باتت تحرس في سبيل الله"، مضيفًا: "رحمك الله يا أبو عبيدة ورفع قدرك.. وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة.. نحسبك منهم ولا نزكي على الله أحدا".
 

 

من عمان، كتب الأكاديمي د. حمود النوفلي: "لم نرَ نور وجهك إلا بعد رحيلك، نوّر الله قبرك كما نورت عقول الأمة بالحق.. هنيئا لك اللحاق برفاق الدرب والجهاد، وهنيئا لك تحقق كل ما تمنيت: النصر والاستشهاد".

 

 

عبد العزيز من فلسطين كتب: "كان صوتَه في غزة يُشبه الرعد إذا تكلَّم، وصمته أبلغ من الكلام.. رجلٌ لا يُرى، لكنّه حاضر في القلوب، في السماء، في زئير الصواريخ، وفي دموع الثكالى".

 

 

قالت عائلة أبو عبيدة: "نزفّ إلى الفردوس الأعلى ابننا المجاهد القائد حذيفة الكحلوت، الذي قضى شهيدا في سبيل الله مع زوجته وابنتيه ونجله، في عملية اغتيال جبانة". ونعاه شقيقه إبراهيم قائلاً: "ليتنا فديناك بأرواحنا وبقيت.. ليتنا قدّمنا الغالي والنفيس وما فقدناك يا شرف الأُمّة ويا فخرنا وعزتنا وتاج رءوسنا".