قبل أن تمر 48 ساعة على مصرع أحد المواطنين تحت التعذيب داخل قسم الشرطة في الأقصر، ارتكب أمن الانقلاب جريمة جديدة وقتل شخصا آخر في محافظة الإسماعيلية شمالي البلاد.

وقبل هاتين الواقعتين، اتهمت أسرة مواطن ثالث ضباط قسم شبين القناطر بمحافظة القليوبية بتعذيبه حتى الموت، بعد ساعات من القبض عليه واحتجازه في واقعة سرقة، ليرتفع عدد ضحايا التعذيب إلى ثلاثة مواطنين خلال الأسبوع الماضي.

وربط نشطاء بين وقائع التعذيب المتتالية في الأونة الأخيرة وحادث مقتل الشاب خالد سعيد عام 2010 على يد الشرطة، الذي كان أحد أسباب اندلاع ثورة يناير 2011 والإطاحة بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

زوجة قتيل الإسماعيلية

وقالت زوجة قتيل الإسماعيلية إن ضباط الشرطة اقتحموا الصيدلية واعتدوا على زوجها، ثم اصطحبوه إلى قسم الشرطة وواصلوا تعذيبه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، مجاملة لصاحب العقار الذي تقع فيه الصيدلية، والذي توجد بينهما خلافات منذ فترة طويلة.

وعقد اتحاد المهن الطبية بالإسماعيلية، الذي يضم نقابات الأطباء والأطباء البيطريون والصيادلة والأسنان، اجتماعا طارئا أمس الجمعة، حمّلوا خلاله شرطة الانقلاب مسؤولية قتل الطبيب.

وأصدر الاتحاد بيانا، أكد خلاله أن الضباط اقتحموا الصيدلية دون إذن نيابة واعتدوا بالضرب على الطبيب داخل الصيدلية، ثم اصطجبوه إلى القسم بالقوة مخالفين القانون وواصلوا تعذيبه حتى فارق الحياة.

وأعلنت نقابة الصيادلة عقد اجتماع طارئ يوم الأحد المقبل، لدراسة كيفية الرد على الواقعة وسبل مواجهة الداخلية والدعوة لعقد جمعية عمومية لصيادلة مصر، ضد ما وصفه بالحملة الشرسة التي تتعرض لها، والتي كان آخرها الاعتداء على طبيب الإسماعيلية.

وبعد أن انتشر الخبر، أعلن مجدي عبدالغفار، وزير داخلية الانقلاب، وقف الضابط المتهم بقتل المواطن عن العمل لحين انتهاء التحقيقات معه، كما أصدر النائب العام قرارا بانتداب الطبيب الشرعي لتشريح جثة الصيدلي وإعداد تقرير بسبب الوفاة.

تعذيب حتى الموت

وقال محامي قتيل القليوبية إن الضباط عذبوا موكله حتى يعترف بمسؤوليته عن واقعة سرقة لم يرتكبها، ما أسفر عن إصابته بنزيف داخلي داخل الحجز حتى لقي مصرعه، وبعدها تم تلفيق قضية مخدرات له!

وكالعادة، أعلنت الشرطة أن الضحية هارب من تنفيذ حكم قضائي وأنه توفي بعد تعرضه لتدهور مفاجئ في صحته، حيث يعاني من مرض الكبد وتوفي قبل نقله للمستشفى.

وكانت النيابة قد أمرت يوم الخميس بحبس ضابط شرطة 4 أيام على ذمة التحقيق، بعد اتهامه بالاعتداء بالضرب على سائق وسط الشارع وتهديده بتلفيق قضية مخدرات له بعد الخلاف على أولوية المرور.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر الاعتداء على السائق، وتهديد المارة الذين حاولوا التدخل مستغلا نفوذه.

ومع اقتراب الذكرى الخامسة لثورة يناير، تتزايد مؤشرات السخط الشعبي جراء قمع الشرطة، فضلا عن التدهور الاقتصادي الحاد وتفاقم المشكلات الاجتماعية، وسط دعوات بالتظاهر والعودة للميدان في هذا اليوم لإسقاط نظام السيسي.

الغضب يتصاعد

وتسببت هذه الوقائع المتلاحقة في حالة من الغضب المتصاعد بين المصريين، حيث شهدت مدينة الأقصر منذ يوم الثلاثاء احتجاجات مستمرة، تخللها اشتباكات مع الأمن وقطع للطرق الرئيسية بسبب تعذيب مواطن حتى الموت.

كما دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغا يحمل اسم #كلنا_طلعت_شبيب للتضامن مع اسرته والمطالبة بالقصاص له.

وللمرة الأولى منذ انقلاب يوليو 2013، خرجت مظاهرة حاشدة عقب صلاة الجمعة لا ينظمها الإخوان المسلمون، تطالب بإسقاط النظام احتجاجا على مقتل شبيب، كما رفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها عبارة"مفيش حاتم بيتحاكم" في إشارة إلى عدم محاسبة ضباط وأمناء الشرطة المتورطين في تعذيب المواطنين وقتلهم.

وفي محاولة لامتصاص الغضب من جانب أهالي الضحية، أرسلت وزارة داخلية الانقلاب وفدا من قيادات الوزارة لتقديم العزاء لأسرة القتيل مساء الجمعة.