أشارت صحيفة الجارديان البريطانية إلى أن متابعة لاعبي المنتخب المغربي في مونديال قطر وهم يؤدون جوانب مختلفة من معتقداتهم الإسلامية على الملعب بمعية أمهاتهم تدعو إلى البهجة والسرور.

وأضافت الصحيفة "هذا المشهد الذي رأيناه على التلفزيون العالمي لم يكن جميلًا ومؤثرًا وراقيًّا فحسب بل كان ملهمًا، ويشكل جوهر المنافسة الدولية وهو: التعرف على الثقافات المختلفة والاحتفال بالاختلاف، لجعل العالم مكانًا أفضل".

ونوهت الصحيفة -في تقريرها- إلى أن هذه المشاهد الراقية التي جرت أمام أعين العالم ينبغي أن تشكل مصدر إلهام للأفراد والمجتمعات في دول الغرب.

وأضافت الصحيفة أن البعد الديني المتمثل في القيم الإسلامية ظل حاضرًا عند جميع اللاعبين في كل المقابلات.

وقالت "قبل ركلات الترجيح في دور الستة عشر ضد إسبانيا، قام اللاعبون بشكل جماعي بتلاوة سورة الفاتحة؛ وبعد تأمين العبور إلى ربع النهائي ركضوا إلى الجماهير وقاموا بالسجود شكرًا لله
 

الفخر بالإسلام

وأنهم بعد تأهلهم إلى دور ربع النهائي وفوزهم على منتخب البرتغال ركض اللاعبون وسجدوا شكرا لله أمام جماهيرهم.

وأضافت، "أي شخص لديه نظر يعلم أن المسلمين يتعرضون للاضطهاد في العديد من الدول، سواء عن طريق التمييز عند البحث عن عمل، أو الإهانات في التقارير الإخبارية، أو العنف الصريح. وكما هو الحال مع العديد من أشكال التحيز، غالبا ما تتحمل النساء العبء الأكبر".

وتابعت: "كل أقلية وكل مجموعة عرقية تواجه تحديات، والطريقة التي يتم بها التغلب علي تلك التحديات هي بالوحدة وليس التنافس".

ورأت الجارديان أن لاعبي منتخب المغرب خلال مشوارهم في كأس عالم "قطر 2022" أعلنوا للعالم أنه لا يفخروا فقط بكونهم مغاربة ولكن بأنهم مسلمون، مشيرة إلى أنهم كانوا مصدرا ملهما لاحتفالات في جميع أنحاء العالم الإسلامي.


يحطم صورا نمطية

"أنا أحبك يا أمي".. هذه الكمات الأربع التي كتبها لاعب المنتخب المغربي "أشرف حكيمي"، تحت صورة لوالدته "سعيدة مو" وهي تقبله على خده بعد ركلة جزاء حاسمة ضد إسبانيا في دور الـ16 ستكون "واحدة من الصور الدائمة لكأس العالم في قطر".

هكذا علقت "آينا جي خان"، في مقال بعنوان "صعود المغرب السريع في كأس العالم يساعد على تحطيم صور نمطية"، في التقرير الذي نشرته "الجارديان".

وأشارت "خان" إلى أنه مثل العديد من أمهات منتخب المغرب، لم تكن "مو" مجرد تابعة لنجاح ابنها، بل هي من ساعدت في تمويل طموحاته الكروية من عملها في مجال تنظيف المنازل، بينما كان زوجها يعمل بائعا متجولا في مدريد.

ونقلت عن "حكيمي" قوله، في مقابلة مع موقع "بوندزليجا دوت كوم": "أناضل كل يوم من أجلهما.. لقد ضحيا من أجلي".

 

أهمية الأمهات

وعلقت الصحيفة "إنه وسط غياب التمثيل الإيجابي لرجال مسلمين من أصول عربية وأمازيغية وأفريقية عادة في أغلب نهائيات كأس العالم، فإن صور "حكيمي" ومقاطع فيديو للمهاجم "سفيان بوفال" وهو يرقص مع والدته، ويثبت حجابها بعد الفوز في دور ربع النهائي على البرتغال، السبت، هي أكثر من مجرد صورة حققت انتشارا سريعا".

ورأت أنه "لقد أصبحت رمزا قويا لأهمية الأمهات في هذه الثقافات المعنية".

وقالت الكاتبة عن "حنان شلوقي" في تقرير الصحيفة -وهي مشجعة أمازيغية مغربية ولدت في بلجيكا-: "كثيراً ما نشير إلى الحديث الإسلامي أو المقولة بأن الجنة تحت قدام الأمهات".

أما اللبنانية "لينا دوكي" -ذات الجنسية الكندية- تلعب ابنتها البالغة من العمر 10 سنوات الكرة بشكل تنافسي: "هذه اللفتة الجميلة للاعبي المغرب تبعث برسالة إلى العالم مفادها أن هؤلاء الأمهات، الأمهات العربيات المسلمات، ينتمين إلى هناك، في قلب احتفالات كأس العالم".

ونبهت الصحيفة إلى أن صعود المغرب طرح تساؤلات حول صور نمطية تتعلق بمفهوم الذكورية والإسلام، علاوة على فكرة كرة القدم للرجال خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية. كما أن التبجيل الإسلامي للأم هو جزء لا يتجزأ من الثقافة المغربية.

وحسب "محمد معاد"، وهو مشجع مغربي يعيش في أغادير، الذي أكد أن "بركات الوالدين، مفهوم مقدس ومقدس للغاية في المجتمع المغربي".

 

الاعتزاز بفلسطين

ونقل التقرير أن الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" الذي ظهر في المونديال، على الرغم من عدم لعب "إسرائيل" أو فلسطين في كأس العالم الأولى في الشرق الأوسط، لافتة إلى أن العلم الفلسطيني كان سمة داخل وخارج الملعب.

وخارج ملاعب المونديال، انتشرت بشكل متكرر مقاطع فيديو لمشجعين عرب وإنجليز وهم يصرخون: "تحيا فلسطين" أو يرفضون إجراء مقابلات مع صحفيين إسرائيليين، بينما انتشر الفلسطينيون المؤيدون للمغرب إلى الشوارع في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة والقدس وقطاع غزة للاحتفال بإنجازات أسود الأطلس.

ونقلت الكاتبة "خان" إلى ظهور النساء في مدرجات كرة القدم في كأس العالم في قطر، والنساء المسلمات على وجه الخصوص، مفاجئا للبعض، بل إن كثيرين قالوا عنه "إنه تغيير عالمي للعبة".

وعن أحد المشجعين المسلمين البريطانيين من أصول باكستانية "سليم خان"، عن المغرب ومونديال قطر قال: "يظهر حقا كيف أن الشغف بكرة القدم لا يقتصر على الغرب والأندية المشاركة في دوري أبطال أوروبا، أو الفرق الأمريكية.. كرة القدم ملك للعالم".

 

بناء الروح المعنوية

واعتبرت الصحيفة أن فكرة السماح لعائلات لاعبي المنتخب المغربي بالسفر في رحلة شاملة مع المنتخب المغربي إلى الدوحة جاءت من قبل مدير الفريق "وليد الركراكي" ورئيس الاتحاد الملكي المغربي لكرة القدم "فوزي لقجع"، وكان شيئا رائعا، وأنها "كانت استراتيجية عظيمة لبناء الروح المعنوية".

وقالت "أحلام الشملالي" الباحثة الدنماركية المغربية في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، وهي تعلق على صور "بوفال" و"حكيمي" ولاعبي المغرب مع أمهاتهم: "لو أقيمت بطولة كأس العالم في دولة غربية، ما كان من المحتمل أن يحصلوا على نفس دعم الأمهات، لأنهم بدلاً من ذلك كانوا سيواجهون حدودًا ونظام تأشيرات تعسفيا".

 

مزيد من التنوع

الصحيفة قالت إن بطولة كأس العالم ألقت مزيدا من التركيز على التنوع الذي تتمتع به قارة إفريقيا، قائلة إن "إفريقيا التى تمتد على مساحة 30.37 مليون كيلومتر مربع، تستوعب أكثر من 1.2 مليار شخص ويتحدثون ما بين ألف وألفين لغة في 54 دولة".

وأضافت أن هذه السمات ليست واضحة دائما في ظل الطريقة المتجانسة التي تتميز بها تلك القارة ذات التنوع المدهش، معتبرة أن البطولة سلطت مزيدا من التركيز على مناقشة ذلك الأمر.