لم تكن سهلةً رحلةُ مصعب وعائلته من الخرطوم إلى القاهرة، إذ شقت العائلة طريقها في الصحراء لمدة أسبوع، بحثا عن أمان من المعارك الدائرة في السودان.
ووصلت العائلة إلى مصر في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ليتوجه مصعب ووالدته وأشقاؤه، فور وصولهم، إلى مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لتسجيل أنفسهم كطالبي لجوء.
تمكنت الأم واثنان من إخوة مصعب من التسجيل في فبراير/ شباط الماضي، وحصل مصعب وثلاثة آخرون من إخوته على مواعيد متفاوتة بعد عدة أشهر.
الآن ينتظر مصعب بقلق بالغ موعد تسجيله كطالب لجوء في آب/ أغسطس الجاري، وذلك بعد قرار رسمي مصري، أمهل الأجانب والمقيمين في البلاد بشكل غير شرعي مهلة حتى سبتمبر/ أيلول المقبل لتوفيق أوضاعهم.
"تشديد أمني"
وكثفت الحكومة المصرية في الشهور الأخيرة من الحملات الأمنية التي تستهدف التحقق من صحة إقامات الأجانب المتواجدين في البلاد، كما رحلت مئات الأشخاص في الشهور الماضية.
ويقول المحامي المتخصص في شؤون الهجرة أشرف ميلاد، إن هناك حالة من الارتباك منذ الإعلان عن هذه المهلة: "كثير من الناس في حالة قلق من التحرك، بعضهم لا يخرجون من منازلهم، خاصة من ينتظرون دورهم للتسجيل في مفوضية اللاجئين، لأن هذه الفئة مستضعفة".
ويضيف ميلاد "هناك حالة من التشدد الأمني، وفي حالة وجود أي مشكلة أو مشاجرة بين شخصين يتم ترحيل من لا يملك إقامة فورا".
حالة التشدد هذه دفعت أعدادا هائلة للتوجه إلى المفوضية في وقت قصير، بحسب ما يقول ميلاد "الآلاف باتوا يتوافدون على المفوضية، ليحصلوا على مواعيد للتسجيل بعد شهور".
ويتابع ميلاد "القرار الجديد من الحكومة يسهل الإجراءات لكنه لم يلاقِ القبول من الكثيرين بسبب المبلغ المطلوب سداده، ألف دولار مبلغ كبير، ربما لو تقلل الدولة من مبلغ الغرامة سيكون هناك حل وسط، بين انتظار الدور في المفوضية التي تحاول استيعاب أعداد ضخمة، وبين مطالبة الشخص الذي جاء بشكل غير قانوني أن يدفع مبلغا كبيرا من المال".
تنظيم إقامة الأجانب في مصر
تقدر الحكومة المصرية عدد الأجانب والمقيمين على أرضها بنحو 9 ملايين شخص، وتقول إنها تتكلف بإنفاق نحو 10مليارات دولار عليهم سنويا، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في أيار/ مايو الماضي.
وتقول الحكومة إن الهدف من قرار تقنين الأوضاع الذي أصدرته في أغسطس/ آب من العام الماضي، ومددت المهلة الممنوحة للمعنيين به عدة مرات، هو تنظيم شكل إقامة الأجانب في مصر لضمان استمرار الخدمات المقدمة إليهم، من تعليم وخدمات صحية وغيرها.
لكن هذا القرار، ضاعف من مخاوف كل من يعجز عن استيفاء شروط تقنين الإقامة، لأنهم قد يصبحون عرضة للترحيل في أي وقت.
وبحسب قرار الحكومة، سيجري حرمان جميع المقيمين غير المسجلين لتوفيق أوضاعهم من أي خدمات حكومية، على أن تنفذ إجراءات الترحيل لأي أجنبي من الأراضي المصرية وستجري وفقاً للقانون حال ارتكابه جريمة تستوجب الترحيل.