قررت حكومة عبد الفتاح السيسي المضي قدمًا في خطتها لرفع الدعم نهائيًا عن الوقود بحلول نهاية عام 2025، تنفيذًا لتعهداتها أمام صندوق النقد الدولي، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يهدف إلى تقليل عجز الموازنة وتعزيز الاستقرار المالي.
التزام صارم أمام صندوق النقد.. وشرط أساسي للحصول على التمويلات
تأتي هذه الخطوة في إطار اتفاقية مصر مع صندوق النقد الدولي، حيث أكدت إيفانا هولار، مديرة بعثة الصندوق في مصر، أن حكومة السيسي ملتزمة بالوصول بأسعار الوقود إلى مستوى يعكس التكلفة الحقيقية بحلول ديسمبر 2025.
وقالت هولار في تصريحات صحفية: "هذا الالتزام يظل الأهم لضمان تحقيق الاستدامة الاقتصادية وتوجيه الدعم إلى مستحقيه".
وفي ضوء هذه التعهدات، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر، بقيمة 1.2 مليار دولار، إضافة إلى تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار من "صندوق المرونة والاستدامة".
رئيس الوزراء يؤكد: رفع الدعم تدريجيًا مع استمرار دعم السولار والبوتاجاز
أكد رئيس حكومة السيسي، مصطفى مدبولي أن الحكومة ماضية في خطتها التدريجية لرفع الدعم عن الوقود، لكنها ستُبقي على بعض أشكال الدعم، مثل دعم السولار والبوتاجاز، لحماية الفئات الأكثر احتياجًا من التأثيرات السلبية لارتفاع الأسعار.
وأوضح أن هناك ما يُعرف بـ"الدعم البيني" بين المنتجات البترولية، والذي يسمح بتغطية تكلفة بعض المنتجات عبر زيادة تسعير منتجات أخرى.
هل يؤدي رفع الدعم إلى موجة تضخم جديدة؟
أثار القرار مخاوف من ارتفاع معدلات التضخم، خاصة مع تأثر الاقتصاد المصري بعدة عوامل، من بينها انخفاض إيرادات قناة السويس، التي تُعد أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية.
فقد سجلت القناة إيرادات بقيمة 931 مليون دولار في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ2.4 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، بسبب تأثر الملاحة العالمية جراء الحرب في قطاع غزة.
ومع استمرار ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار السلع الأساسية، حذّر خبراء اقتصاديون من أن رفع الدعم عن الوقود سيؤدي إلى زيادة تكلفة النقل، ما قد ينعكس مباشرة على أسعار الأغذية والمنتجات الاستهلاكية.
وزير البترول: 10 مليارات جنيه دعم شهري رغم زيادات الأسعار
كشف وزير البترول كريم بدوي أن الحكومة لا تزال تنفق نحو 10 مليارات جنيه شهريًا على دعم الوقود، رغم رفع أسعاره ثلاث مرات خلال العام الماضي.
وأشار إلى أن ترشيد الدعم سيُسهم في تخفيف العبء عن الموازنة العامة، لكنه شدد على ضرورة اتخاذ إجراءات لحماية الفئات الأكثر تأثرًا.
التضخم والتحديات الاقتصادية.. هل ينجح برنامج الإصلاح؟
بحسب بيانات البنك المركزي، فإن معدل التضخم الشهري في الحضر بلغ 1.4% في فبراير 2025، مقارنة بـ11.4% في نفس الشهر من العام الماضي، بينما بلغ معدل التضخم السنوي 12.8%، مقارنة بـ24% في يناير 2024.
وكانت الحكومة قد اتخذت إجراءات حاسمة العام الماضي لمواجهة الأزمة الاقتصادية، شملت خفض قيمة الجنيه، ورفع أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، إضافة إلى توقيع اتفاقية استثمارية ضخمة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، التي بلغت نحو 47.39 مليار دولار في فبراير 2025.
موجة غلاء متوقعة.. والمواطنون في قلب الأزمة
على مدار السنوات الماضية، شهد المصريون ارتفاعات متتالية في أسعار السلع، خاصة مع قرارات الحكومة المتكررة بزيادة أسعار الوقود، حيث تم رفع سعر البنزين مرتين خلال عام 2024.
ويخشى كثيرون من أن يؤدي رفع الدعم بالكامل إلى موجة غلاء جديدة، تضاف إلى الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون بالفعل.