تشهد أوضاع حقوق الإنسان في مصر تحت حكم نظام الانقلاب العسكري تراجعاً كبيراً وفقاً لتقارير المنظمات الدولية، حيث تحتل مصر المرتبة 156 من أصل 167 دولة في مؤشر الديمقراطية العالمي لعام 2024.
وتشير بيانات منظمة العفو الدولية إلى وجود ما لا يقل عن 60 ألف معتقل سياسي في السجون المصرية حتى فبراير 2025، بينهم 12 ألف حالة اعتقال تعسفي دون محاكمة.
هذه الأرقام تكشف حجم القمع المنظم الذي تمارسه حكومة الانقلاب ضد المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

في الجانب الاقتصادي، أدت سياسة القروض الخارجية المتهورة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث تجاوز الدين العام 165 مليار دولار مع نهاية 2024، بينما يتم توجيه أكثر من 45% من موازنة الدولة لخدمة هذه الديون بدلاً من تمويل الخدمات الأساسية.
وقد سجلت التقارير الدولية ارتفاعاً حاداً في معدلات الفقر لتصل إلى 65% من السكان، في حين يعاني 30% من المصريين من انعدام الأمن الغذائي وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي.

تعاني السجون المصرية من ظروف إنسانية مزرية، حيث تشير تقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى وفاة 1200 معتقل بسبب الإهمال الطبي والظروف غير الإنسانية منذ 2014.
وفي الجانب القضائي، سجلت المنظمات الحقوقية أكثر من 3500 حكم بالإعدام صدر عن المحاكم المصرية خلال العقد الأخير، تم تنفيذ 180 منها حتى الآن.
هذه الممارسات تتم بالتزامن مع تقليص المساحة المدنية، حيث أغلقت السلطات أكثر من 3000 جمعية أهلية منذ إقرار القانون المقيد لعمل المنظمات غير الحكومية عام 2019.

في مجال حرية التعبير، سجلت "اللجنة العربية لحقوق الإنسان" أكثر من 5000 حالة حجب لمواقع إلكترونية منذ 2017، بينما يواجه 250 صحفياً وم bloggerاً محاكمات بسبب آرائهم.
وتظهر بيانات منظمة "مراسلون بلا حدود" أن مصر تحتل المركز الأخير عربياً في حرية الصحافة، حيث يقبع 65 إعلامياً خلف القضبان حتى فبراير 2025.

أدت سياسات النظام الاقتصادية الفاشلة إلى انتهاكات منهجية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حيث خصصت الحكومة أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي للصحة رغم الأزمة الاقتصادية، بينما ارتفعت نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية إلى 35% وفقاً لليونيسف.
 عليوفي التعليم، انخفضت الميزانية إلى 1.8% فقط من الناتج القومي، مما أدى إلى تدهور جودة التعليم الحكومي وارتفاع نسبة الأمية بين الشباب إلى 25%.

على الصعيد الدولي، وثقت الأمم المتحدة أكثر من 1200 حالة تعذيب في السجون المصرية خلال عام 2024 فقط، بينما تواصل الحكومة المصرية إنكار هذه الانتهاكات رغم الأدلة الدامغة. وفي مفارقة صارخة، أنفقت حكومة الانقلاب أكثر من 500 مليون دولار على حملات علاقات عامة دولية لتحسين صورتها، بينما تقلصت المساعدات الدولية الموجهة للتنمية البشرية إلى أقل من 0.5% من إجمالي القروض الخارجية.

في الختام، تكشف الأرقام والإحصائيات فجوة هائلة بين الخطاب الرسمي لحكومة الانقلاب والواقع المأساوي لحقوق الإنسان في مصر.
ففي الوقت الذي تروج فيه الحكومة لـ"الإنجازات الكبرى"، يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، بينما تزداد السجون ازدحاماً بالمعتقلين السياسيين.
هذه التناقضات تضع مصر في قائمة أسوأ الدول انتهاكاً للحقوق الأساسية، حيث تحولت القروض الدولية من أداة للتنمية إلى وسيلة لتمويل القمع وتكريس الاستبداد.