انطلق مؤتمر في لندن لمناقشة الصراع في السودان، تزامناً مع وقوع مجازر مروعة في شمال دارفور، حيث يطالب أكثر من مليون شخص في مدينة الفاشر بالحماية في ظل تقدم قوات الدعم السريع نحو المدينة.

تشارك بريطانيا في استضافة القمة إلى جانب الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا، وأعلنت عن حزمة مساعدات بقيمة 120 مليون جنيه إسترليني. كما تعهد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بتقديم أكثر من 592 مليون دولار كمساعدات.

حذر عمال إغاثة ومحللون من أن المؤتمر يجب أن يركز على حماية المدنيين، وليس مجرد جمع التعهدات المالية. وأكدت كيت فيرغسون، مديرة منظمة "Protection Approaches"، أن حماية المدنيين لا يجوز تجاهلها.

ليلة الإثنين، أفادت مصادر من داخل وحول مدينة الفاشر أن قوات الدعم السريع تستعد لاقتحام المدينة، التي تُعد العاصمة الإدارية لولاية شمال دارفور وآخر معقل غربي تحت سيطرة الجيش السوداني وحلفائه. وتجاوز عدد القتلى منذ بداية الهجوم الخميس الماضي 800 شخص.

وشهد مخيم زمزم، الواقع جنوب المدينة ويؤوي نازحين منذ حرب دارفور الأولى، أعنف المجازر. قال أحد سكان المخيم، محمد آدم، الذي فر إلى الفاشر: "ما رأيته كان وحشيًا للغاية. أعدموا جميع الشبان تحت سن الخمسين، أحرقوا غالبية المنازل، اغتصبوا عددًا غير معروف من النساء، وشنوا حملة تهجير ممنهجة للسكان".

وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أكد بعد زيارته الحدود التشادية-السودانية في وقت سابق أن أطراف النزاع في السودان تُظهر تجاهلاً مروعًا لحياة المدنيين.

وأعلنت الحكومة البريطانية أن الحزمة الجديدة تستهدف إيصال الغذاء والمساعدات لأكثر من 600 ألف شخص، وتضاف إلى حزمة سابقة بقيمة 113 مليون جنيه في نوفمبر الماضي. لكن العاملين في المجال الإنساني أشاروا إلى أن معظم هذه المساعدات لا تزال غير مفعلة بسبب القيود الميدانية.

في سياق موازٍ، قررت الحكومة البريطانية تقليص نسبة المساعدات الإنمائية إلى 0.3% من الدخل القومي بحلول 2027، مما دفع وزيرة التنمية، أناليس دودز، إلى الاستقالة احتجاجًا على التخفيضات، معتبرة أن برامج حيوية في السودان لا يمكن حمايتها.

في المقابل، أحدثت التخفيضات الأمريكية فجوة مالية تُقدّر بـ800 مليون دولار في ميزانية الإغاثة الإنسانية في السودان. وذكر مختار الشيخ من غرفة الطوارئ الشعبية في الخرطوم بحري أن 80% من تمويل أنشطة الغرف الطارئة كان مصدره المعونة الأمريكية. وأضاف: "نحتاج إلى دعم سياسي ومالي، والمؤتمر ينعقد في لحظة حرجة ولا يحتمل الفشل".

أثار المؤتمر جدلاً واسعًا بسبب استبعاد الحكومة السودانية وممثلين عن المجتمع المدني من الحضور، بينما لم تُدعَ قوات الدعم السريع أيضًا. وانتقد وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، القرار، متسائلًا عن جدوى دعوة دول تدعم الدعم السريع، وعلى رأسها الإمارات، المتهمة أمام محكمة العدل الدولية بالتواطؤ في جرائم إبادة.

طالبت إيفا خير، مديرة "اتحاد السودان العابر للحدود"، بوضع ضغوط على الإمارات ودول أخرى تدعم أطراف النزاع، وانتقدت غياب السودانيين عن المؤتمر، مشيرة إلى أن العاملين المحليين مثل غرف الطوارئ هم من يتولون جهود الإغاثة فعليًا.

اندلع الصراع في السودان يوم 15 أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع بسبب خطة دمج الأخيرة في الجيش النظامي. وتصف الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليًا، مع انتشار المجاعة في ثماني مناطق بينها زمزم.

رغم احتفاظ الجيش بسيطرته على مناطق واسعة شرق وشمال البلاد، تُسيطر قوات الدعم السريع على معظم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب.

وأكد تحقيق مستقل صادر العام الماضي عن مركز "راؤول والنبرغ" وجود "أدلة واضحة ومقنعة" على ارتكاب الدعم السريع إبادة جماعية بحق مجتمع المساليت الأفريقي الأسود. كما اتهمت الولايات المتحدة الدعم السريع بالإبادة الجماعية وفرضت عقوبات على زعيمها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، إلى جانب فرضها عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بسبب جرائم حرب منها القصف العشوائي وعرقلة المساعدات.

دعا ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إلى توحيد موقف المجتمع الدولي لصالح السلام، بدلًا من تأجيج النزاع.

https://www.middleeasteye.net/news/uk-unveils-ps120m-aid-package-sudan-london-conference-begins