لقي أربعة عمال مصرعهم، بينهم ثلاثة قُصّر، وأُصيب خامس بجروح، يوم الأحد الماضي، إثر انهيار سقف مصنع تحت الإنشاء في مدينة العبور بمحافظة القليوبية.

الحادث الذي وقع في غفلة من أجهزة الرقابة، فتح الباب واسعًا للحديث مجددًا عن غياب الحماية القانونية لعشرات الآلاف من العمال الذين يؤدون أعمالًا شاقة دون غطاء تأميني أو قانوني.

الضحايا، وجميعهم من محافظة الشرقية، كانوا يعملون في ظروف وصفتها منظمات عمالية بـ"غير الآمنة"، داخل موقع بناء لم يتم التأكد بعد من خضوعه لتفتيش دوري أو تطبيقه لاشتراطات السلامة المهنية.

ورغم إعلان محافظ القليوبية، أيمن عطية، عن صرف إعانات مالية لأسر الضحايا، إلا أن الطريق إلى التعويض المناسب محفوف بالعقبات، بحسب ما أكدته منسقة المجلس الدائم للمرأة العاملة، أمل عبد الحميد.

توضح عبد الحميد أن "إثبات علاقة العمل هو التحدي الأكبر أمام أسر الضحايا، لأنهم عمالة غير منتظمة لا تربطهم بالموقع عقود رسمية، ولا يتمتعون بأي تأمين اجتماعي".

وتضيف: "علشان الأسرة تاخد تعويض، لازم نثبت أولًا إن العامل كان بيشتغل فعلًا في الموقع، وإنه مات بسبب تقصير في إجراءات السلامة، وده بيحتاج شهود وتحقيقات ومتابعة قانونية معقدة".

غياب التفتيش وموت مجاني
يتطلب قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 إخضاع مواقع العمل لتفتيش دوري من وزارة العمل كل ستة أشهر، للتحقق من توفر اشتراطات السلامة والصحة المهنية. لكن بحسب عبد الحميد، فإن "الوزارة لا تواظب على إجراء هذه الزيارات التفتيشية، حتى في المواقع المسجلة".

هذا ما أكده أيضًا محمد عبد القادر، الأمين السابق للنقابة المستقلة للعمالة غير المنتظمة، الذي أشار إلى "نقص شديد في عدد مفتشي السلامة"، لافتًا إلى أنه لم يُعيّن مفتشون جدد منذ سنوات.

ووفقًا لتصريحات سابقة للمدير السابق للمركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية، فإن عدد المفتشين لا يتجاوز 600 على مستوى الجمهورية، منهم فقط بين 420 إلى 450 يعملون ميدانيًا.

ملايين بلا حماية
حادثة العبور تعيد إلى الواجهة مأساة ملايين العمال غير المنتظمين في مصر، الذين يعملون في بيئات خطرة دون أي ضمانات، وتشير تقديرات وزيرة التضامن السابقة، نيفين القباج، إلى أن أعداد هؤلاء تتراوح بين 8 و12 مليون عامل، بينما يرى كمال عباس، مدير دار الخدمات النقابية والعمالية، أن العدد الحقيقي قد يتجاوز 13 مليونًا، "خاصة في ظل اتساع رقعة الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل نحو 50 إلى 60% من حجم الاقتصاد الرسمي"، بحسب دراسة برلمانية حديثة في 2023.

لكن المفارقة أن عدد العمال غير المنتظمين المسجلين رسميًا لدى وزارة العمل حتى سبتمبر الماضي لم يتجاوز مليونًا و164 ألف عامل فقط، وفقًا لتصريحات الوزير محمد جبران، أي أقل من عُشر التقديرات المستقلة.