أعلن المحامي عصام مهنا، الذي مثّل الدفاع الأصيل في القضية على مدى عام كامل، تنحيه الكامل عن مواصلة الترافع، بعد أن تحقق الحكم بإدانة الجاني بالسجن المؤبد.

وجاء إعلان مهنا عبر بيان مفصل نشره على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، كشف فيه عن كواليس غير مسبوقة من المعاناة القانونية والاجتماعية التي رافقت عمله على القضية، متحدثًا عن استنزاف نفسي ومالي ومهني، وهجوم غير مبرر تعرّض له هو وأسرته، رغم ما وصفه بـ"الحكم التاريخي" الذي انتزعته هيئة الدفاع لصالح الطفل المجني عليه.

دفاع "بلا مقابل".. ومرافعات في صمت
كشف مهنا أن القضية مرت على أربعة محامين قبل أن تصل إلى مكتبه قبل عام، وأنه قرر الدفاع عن الطفل ياسين مدفوعًا بـ"قلب الأب" لا المحامي، على حد وصفه. وأوضح أنه تولّى القضية دون تقاضي أي أتعاب، بل أنفق من ماله الخاص على مصاريف سفر وتقديم مذكرات وتظلمات في القاهرة والإسكندرية والعاصمة الإدارية، في محاولة مستمرة لانتزاع حق الطفل.

ولم تكن الطريق ممهدة. فبحسب المحامي، جرى حفظ القضية عدة مرات من قبل النيابة، واضطر فريق الدفاع للطعن مرارًا حتى أمام محكمة الجنايات، وهي سابقة قانونية نادرة في مثل هذه القضايا، قبل أن تقرر المحكمة، في فبراير الماضي، إلغاء قرار الحفظ وإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية.

يوم قبل الحكم: تشويه وهجوم عائلي
في بيانه، أشار مهنا إلى ما وصفه بـ"حملة ممنهجة من الهجوم والتشكيك والسب والقذف" التي تعرض لها هو وأسرته، قبل يوم واحد فقط من انعقاد الجلسة التي صدر فيها الحكم ضد المتهم صبري بالسجن المؤبد. هذا الهجوم، بحسب قوله، دفعه إلى مطالبة المحامين المتعاونين بعدم الحضور، حفاظًا على استقرار الجلسة وعدم إعطائها مبررًا للتأجيل.

رغم هذا، تمكن مهنا، منفردًا، من الترافع أمام المحكمة والحصول على الحد الأقصى للعقوبة القانونية المقررة في مثل هذه الجرائم، والتي لا تتضمن الإعدام، وإنما السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة.

بيان التنحي: "آن أوان الانسحاب"
قال المحامي: "قررنا إفساح المجال للزملاء الأفاضل المحامين الذين نقدرهم لاستكمال القضية"، مشيرًا إلى أن الهجوم الذي تعرّض له من "جميع الأطراف" جعله يرى أن تنحيه بات في صالح الطفل والقضية. وختم البيان بعبارة: "نعلن من هنا التنحي التام عن هذه القضية والله يوفق الجميع".

لماذا لم تُتهم المدرسة؟ روايتان متضاربتان
في سياق متصل، تباينت الروايات بشأن مسؤولية المدرسة التي وقعت فيها الجريمة. فبينما أشار المستشار مرتضى منصور، الذي تابع القضية، إلى أن "المدرسة لم تكن طرفًا مباشرًا" في الواقعة، وأوضح أنه استبعدها من البلاغات القانونية بعد مراجعة أوراق التحقيق، اعتبر محامون آخرون أن هناك شبهات تقصير وإخفاء معالم الجريمة من قبل إدارة المدرسة.

وكان المحامي عمرو عبد السلام قد تقدم بمذكرة قانونية طالب فيها بمحاسبة صاحب مدرسة الكرمة، بدعوى اشتراكه في التستر على الجاني، والتقاعس عن حماية الطفل داخل حرم المدرسة، وهي تهم لا تزال محل متابعة قانونية حتى اللحظة.

شهادة الطب الشرعي: اعتداء متكرر
وثّق تقرير الطب الشرعي المرفق بالقضية وجود آثار اعتداء جنسي متكرر على الطفل ياسين، ما دعم قرار النيابة العامة بتحويل القضية إلى جناية. وأكد التقرير أن الطفل تعرض لانتهاكات جسيمة، أثرت على حالته الصحية والنفسية، لتتحول القضية من مجرد بلاغ إلى جريمة مكتملة الأركان وفقًا للقانون.