شهدت مصر واقعة جديدة هزّت الرأي العام وأعادت ملف الانتهاكات داخل السجون ومقار الاحتجاز إلى الواجهة، حيث توفي الشاب وائل شكري الشهير بـ"كيرلس" بعد أسبوع واحد من اعتقاله داخل قسم الأهرام بمحافظة الجيزة، متأثراً – بحسب روايات أسرته – بالتعذيب الذي شارك فيه مأمور القسم ورئيس المباحث وعدد من الضباط.
الضحية، الذي ينحدر من قرية دير الجرنوس بمركز مغاغة في محافظة المنيا، كان يعاني من إعاقة جسدية نتيجة حادث سير سابق، الأمر الذي جعل نبأ وفاته تحت التعذيب أكثر صدمة لمحيطه الاجتماعي وأسرته، التي طالبت بفتح تحقيق عاجل وشفاف ومحاسبة المتورطين في الجريمة.
وفيات متتالية داخل السجون
وفاة وائل شكري لم تكن حادثة منفردة، بل تأتي في سياق سلسلة وفيات شهدتها السجون ومقار الاحتجاز خلال الأيام القليلة الماضية، وسط اتهامات للسلطات بانتهاج سياسات ممنهجة تقوم على التعذيب والإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز.
- قنا: توفي المواطن حازم فتحي السبت الماضي بعد اعتقاله على خلفية شجار مع ضابط شرطة داخل أحد المتاجر. ورغم إعلان الداخلية اعتقاله بزعم الاعتداء على الضابط، إلا أن وفاته فجرت تساؤلات حول طبيعة المعاملة التي تلقاها وظروف احتجازه.
- وادي النطرون: في 15 أغسطس 2025، رحل الشيخ علي حسن عامر أبو طالب، إمام مسجد عثمان بمدينة كرداسة، عن عمر ناهز 75 عاماً بعد 12 عاماً قضاها داخل السجن. حقوقيون أكدوا أن وفاته نتيجة حرمانه من العلاج لسنوات، واصفين الأمر بسياسة "الموت البطيء".
- كفر الشيخ: أسرة المعتقل فريد محمد عبد اللطيف شلبي (المعروف بـ"الشيخ فريد حمده شلبي") تلقت نبأ وفاته داخل معسكر قوات الأمن المركزي، بعد أسابيع من اعتقاله واختفائه قسرياً، لتعلن السلطات لاحقاً خبر وفاته وسط ظروف وصفت بالغامضة.
أرقام صادمة منذ 2013
بحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد الوفيات داخل السجون منذ منتصف 2013 وحتى مطلع 2025 نحو 1,222 حالة وفاة، معظمها مرتبطة بالتعذيب أو الإهمال الطبي أو ظروف الاحتجاز القاسية.
وفي عام 2023 وحده سُجلت 31 حالة وفاة، فيما وثّقت منظمة "حقهم" الحقوقية نحو 1,176 وفاة بين عامي 2013 و2023.
انتقادات دولية وغياب للمحاسبة
منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش سبق أن وثّقت انتهاكات جسيمة داخل السجون، كان أبرزها وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2019 داخل محبسه، نتيجة حرمانه من العلاج.
ورغم المطالب المتكررة بفتح تحقيقات مستقلة، تواصل السلطات – وفق الحقوقيين – التعتيم الإعلامي ورفض المساءلة، وسط اتهامات لوزارة الداخلية والأمن الوطني، باستخدام مقار احتجاز سرية خارج نطاق الرقابة القضائية لممارسة التعذيب.