مع اقتراب يوم 10 سبتمبر الجاري، يكون المحامي الحقوقي إبراهيم متولي حجازي، مؤسس رابطة "أسر المختفين قسريًا"، قد أمضى ثماني سنوات كاملة خلف القضبان رهن الحبس الاحتياطي، متنقلاً بين عدة قضايا حملت الاتهامات ذاتها، وسط إدانات حقوقية متكررة ومطالب متصاعدة بالإفراج عنه بعد تدهور حالته الصحية.
 

البداية: اعتقال من مطار القاهرة
في صباح العاشر من سبتمبر 2017، كان متولي يستعد للسفر إلى جنيف للمشاركة في الدورة (113) لمجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، ممثلاً عن العشرات من أسر الضحايا، ومن بينهم أسرته التي عانت من اختفاء ابنه "عمر" منذ يوليو 2013. إلا أن رحلته لم تكتمل، إذ ألقت قوات الأمن القبض عليه في مطار القاهرة الدولي، لتبدأ رحلة طويلة من الاحتجاز والتحقيقات.
 

القضايا المتتالية والتدوير
عقب القبض عليه، أُحيل متولي إلى نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 900 لسنة 2017، بتهم "تولي قيادة جماعة أُسست على خلاف القانون" و"نشر أخبار كاذبة" و"التواصل مع جهات أجنبية". وبعد أكثر من عامين في السجن، صدر قرار بإخلاء سبيله في أكتوبر 2019. غير أن فرحته لم تكتمل، إذ اختفى أسبوعين قبل أن يظهر في قضية جديدة حملت رقم 1470 لسنة 2019 بالتهم نفسها.

وبعد عام تقريبًا، وفي أغسطس 2020، قضت محكمة الجنايات باستبدال الحبس الاحتياطي بتدابير احترازية، لكن أثناء إنهاء إجراءات خروجه من قسم الشرطة، تم "تدويره" مجددًا على ذمة قضية ثالثة رقم 786 لسنة 2020، لتتكرر دائرة الاتهامات والاحتجاز.
 

المحاكمة بعد سنوات من الحبس الاحتياطي
في سبتمبر وأكتوبر 2024، وبعد مرور أكثر من سبع سنوات على حبسه، فوجئ متولي بإحالته إلى المحاكمة في القضيتين 900 لسنة 2017 و1470 لسنة 2019، على خلفية اتهامات بالانضمام إلى "جماعة إرهابية" وتمويل الإرهاب. كما يواجه اتهامات مشابهة في القضية الثالثة رقم 786 لسنة 2020.
وقد عقدت أولى جلسات محاكمته في 11 يونيو 2025 أمام محكمة جنايات إرهاب القاهرة، في وقت واصلت فيه منظمات حقوقية محلية ودولية المطالبة بالإفراج الفوري عنه.
 

ظروف الاحتجاز وتدهور الحالة الصحية
قضى متولي خمس سنوات في مجمع سجن طرة قبل نقله في يونيو 2022 إلى سجن بدر 3. هناك، تفاقمت حالته الصحية حيث يعاني من تضخم في البروستاتا يستدعي تدخلاً جراحيًا عاجلاً، وفق تقارير طبية. وفي ديسمبر 2024، تقدمت أسرته بطلب رسمي إلى النائب العام لنقله إلى مستشفى متخصص لإجراء العملية، إلا أن الطلب لم يُبت فيه حتى اليوم.
 

دعم حقوقي متواصل
في يونيو 2025، أصدرت 24 منظمة حقوقية مصرية ودولية بيانًا مشتركًا أكدت فيه أن استمرار حبس متولي يمثل "انتهاكًا صارخًا لمعايير العدالة" وطالبت السلطات المصرية بإطلاق سراحه فورًا وتمكينه من الرعاية الصحية المناسبة.
 

قضية تتجاوز الفرد
لا تقتصر قضية إبراهيم متولي على شخصه فحسب، بل تعكس واقعًا أوسع يتعلق بآلاف المحتجزين على ذمة قضايا سياسية، والكثير منهم يتعرض لما يُعرف بسياسة "التدوير"، حيث يتم إخلاء سبيل المتهم في قضية ليُعاد إدراجه في أخرى جديدة بالتهم نفسها تقريبًا.

ومع بلوغ متولي ثماني سنوات في الحبس الاحتياطي، تتجدد التساؤلات حول مصير العدالة في مصر، وحول مدى التزام السلطات باحترام القوانين المحلية والمعاهدات الدولية التي تكفل حق الإنسان في الحرية والمحاكمة العادلة.