أثار اختفاء الدبلوماسي الإيراني السابق أمير الموسوي في مصر، ثم ظهوره المفاجئ في بغداد بعد يوم واحد فقط، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية في كل من طهران وبغداد والقاهرة، حيث تباينت الروايات بين "اعتقال"، و"اختطاف"، و"احتجاز مؤقت"، وسط صمت رسمي مصري وتوضيحات حذرة من الجانب الإيراني.
بداية القصة: وصول بلا عودة
في 7 سبتمبر 2025، وصل الموسوي (67 عامًا) إلى مطار القاهرة بدعوة رسمية من مراكز بحثية مصرية، حاملاً جواز سفر عراقيًا.
ووفقًا لمصادر عراقية، حصل الموسوي على موافقة أمنية وتأشيرة دخول مسبقة، وكان من المفترض أن يشارك في سلسلة ندوات سياسية وبحثية ينظمها مركز الفارابي للدراسات بالتعاون مع شركة مصرية للاستشارات.
لكن المفاجأة كانت عند وصوله، إذ أرسل رسالة مقتضبة لمقرّبين منه يؤكد فيها أنه محتجز ويخضع لتحقيقات منذ ساعات طويلة، ثم انقطع الاتصال به كليًا.
تضارب الروايات
حسابه الرسمي على منصة "إكس"، الذي كان يديره "أدمن"، أعلن اختفاءه ووجّه نداءات عاجلة للرئاسات العراقية للتدخل. وفي اليوم التالي، خرج المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حميد بقائي ليؤكد أن الموسوي "ليس دبلوماسيًا رسميًا"، لكنه شدد على أن طهران تتابع القضية عبر مكتب حماية المصالح الإيرانية في القاهرة.
بعض وسائل الإعلام العراقية نقلت أن السبب يعود إلى مذكرة قبض قضائية صادرة بحقه في مصر، بينما تحدّث آخرون عن "عملية خطف" مرتبطة بخلفيته المخابراتية.
عودة غامضة
وبينما كانت التكهنات تتصاعد، فاجأ الموسوي الجميع مساء 8 سبتمبر بمنشور على "إكس"، أعلن فيه عودته إلى بغداد، شاكراً رؤساء السلطات العراقية و"المقاومين والإعلاميين"، دون أن يكشف تفاصيل ما جرى معه، أو يوضح سبب مغادرته المفاجئة لمصر دون حضور أي من أنشطته البحثية.
خلفية الموسوي: بين الدبلوماسية والمخابرات
الموسوي شخصية جدلية بامتياز. وُلِد في النجف عام 1957، ورُحِّل مع عائلته إلى إيران في ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأ مشواره الدبلوماسي والثقافي. شغل مناصب عدة، أبرزها:
- الممثل الثقافي لإيران في بروكسل والسودان.
- الملحق الثقافي في الجزائر (2014–2018)، حيث أثار اتهامات بمحاولات نشر التشيع، ما دفع ناشطين وسياسيين للمطالبة بطرده.
- مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية في طهران.
كما كتب محللون عراقيون أنه تلقى تدريبًا مكثفًا في أجهزة المخابرات الإيرانية، وأن مهامه الدبلوماسية كانت "غطاءً" لتحركات استخباراتية في دول عدة.
أزمة هوية وجنسية
إحدى النقاط التي فجّرت الجدل على مواقع التواصل هي حمل الموسوي لجواز سفر عراقي، رغم تأكيده الدائم أنه إيراني الأصل ومواطن إيراني الولاء.
هذا كشف — بحسب نشطاء — عن ملف حساس يتعلق بمنح الجنسية العراقية لعدد من الشخصيات الإيرانية بعد عام 2003، بينهم عناصر مرتبطة بأجهزة استخباراتية.
مصر بين الصمت والدبلوماسية
السلطات المصرية لم تعلن حتى الآن أي تفاصيل عن سبب احتجاز الموسوي أو ظروف خروجه من أراضيها، ما فتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، من بينها وجود ملف أمني سري، أو ضغوط دبلوماسية عراقية–إيرانية قادت إلى إطلاق سراحه سريعًا.