في ظل تصاعد القصف الإسرائيلي على غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، بالتزامن مع الضربة التي استهدفت الدوحة وأحدثت صدمة إقليمية، تنعقد القمة العربية الإسلامية وسط تساؤلات مشروعة: هل ستلبي القمة تطلعات الشعوب العربية والإسلامية في موقف حازم، أم ستكتفي ببيانات شكلية تتحول إلى ستار إعلامي لتوجيه الأنظار نحو حدث الدوحة والتغطية على مأساة غزة التي تعيش الإبادة والحصار والتجويع؟
ماذا تنتظر الشعوب العربية
المزاج الشعبي في الشارع العربي لم يعد يقبل بيانات الشجب والإدانة المعتادة. بعد أشهر من المجازر في غزة التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، تطالب الشعوب بمواقف عملية:
- تحرك سياسي ضاغط في الأمم المتحدة.
- خطوات اقتصادية مثل وقف التطبيع أو تجميد العلاقات التجارية مع إسرائيل.
- دعم مادي وإنساني عاجل لوقف التجويع ونقل الإغاثة.
تطلعات الجماهير واضحة: إجراءات عملية لا خطابات دبلوماسية، وهو ما يشكّل ضغطًا هائلًا على القمة كي تتجاوز الأداء التقليدي.
شبح "الستار الإعلامي" بعد قصف الدوحة
اللافت أن القمة تأتي مباشرة بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الدوحة، في خطوة غير مسبوقة ضد دولة عربية خليجية. محللون يتساءلون: هل ستُستَخدم القمة لتحويل الحدث إلى قضية محورية تستحوذ على التغطية الإعلامية، بينما يجري التخفيف من مأساة غزة التي تتعرض للإبادة والتجويع؟
هناك من يرى أن بعض العواصم الإقليمية قد تجد في هذه القمة فرصة لإعادة ترتيب أولويات النقاش وتوجيه الأنظار بعيدًا عن فشلها في وقف العدوان أو الضغط لرفع الحصار. لكن في المقابل، ثمة توقعات أن تصرّ بعض الدول، خاصة تلك التي تواجه ضغوطًا شعبية، على وضع غزة في قلب جدول الأعمال.
مواقف الخبراء: بين الشكوك والرهان على الحد الأدنى
د. مصطفى كامل السيد (أستاذ العلوم السياسية) يؤكد أن القمة محك اختبار: إذا اقتصرت على لغة عامة فلن تُقنع الشارع العربي، وستُتهم بالتغطية على المأساة.
د. نادر فرجاني يرى أن النظام الرسمي العربي فقد أدواته، وما يحدث في غزة كشف عجزه، وبالتالي فإن التوقعات واقعية بصدور بيان بلا أثر ملموس.
د. حسن نافعة يعتقد أن القمة قد تنتج على الأقل "حدًا أدنى من التنسيق" بين الدول العربية والإسلامية بشأن المساعدات الإنسانية، لكنه يشك في اتخاذ قرارات استراتيجية كوقف التطبيع.
د. هبة جمال تعتبر أن توقيت القمة يوحي بأنها أداة سياسية لتنفيس الغضب الشعبي، أكثر من كونها تحالفًا حقيقيًا لمواجهة العدوان.
المحلل الاقتصادي هاني توفيق يربط نجاح القمة بقدرتها على اتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية، وإلا ستظل مجرد حدث بروتوكولي.
الكاتب جمال فهمي يرى أن الشعوب وحدها هي التي تحافظ على نبض غزة، وأن القمة لن تكون سوى وسيلة لحكومات تحاول تغطية تقصيرها الإعلامي والسياسي.
ما بين غزة والدوحة: أيهما أولوية؟
لا شك أن استهداف الدوحة حدث خطير ويمثل تطورًا جديدًا في المعادلة الإسرائيلية، لكنه لا يمكن أن يوازي مأساة غزة حيث يتعرض أكثر من مليوني إنسان للتجويع والقتل الممنهج.
المعضلة هنا: هل تملك القمة القدرة على التوازن بين الحدثين؟ أم أنها ستنحاز لإبراز الضربة على دولة خليجية ذات نفوذ وتهمش القضية المركزية التي ينزف من أجلها الفلسطينيون؟
القمة على المحك
القمة العربية الإسلامية الحالية ليست مجرد اجتماع عادي، بل امتحان سياسي وأخلاقي لأنظمة المنطقة.
إما أن تترجم معاناة الشعوب إلى مواقف وإجراءات عملية توقف نزيف غزة وتضع العدوان الإسرائيلي تحت ضغط فعلي، أو أن تتحول إلى ستار إعلامي يلمع صورة بعض الأنظمة بينما تبقى غزة تنزف بصمت.
وفي كلا الحالين، ستبقى الشعوب قادرة على التمييز بين التضامن الحقيقي وبين المواقف الاستعراضية التي لا توقف قصفًا ولا تنقذ طفلًا تحت الأنقاض.