انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لسيدة مصرية تبكي بحرقة وهي تناشد وزير التربية والتعليم برفع الغياب عن أبنائها، مبررة ذلك بعدم قدرتها على تحمل مصاريف الدراسة وسط موجة الغلاء الطاحنة التي تضرب البلاد.
كلماتها البسيطة: “ارفع عن عيالي الغياب أنا مش قادرو أودي عيالي المدارس، أنا معييش فلوس أوديهم المدارس، معييش فلوس أجيبلهم أكل يروحوا كل يوم المدرسة، معييش فلوص ادفعلهم المواصلات، معييش فلوس أدفعلهم الدروس إحنا حقيقي مش عارفين نعيش، أنا مش عارفة أعمل ايه، أنا خلاص تعبت ومش قادرة ومعنديش دخل ، أنا على الله حكايتي، أنا مش قادرة أوديهم مدارس ، إحنا مش عارفين نعيش حرفيا، العيشة غالية وانا عندي ظروف صحية ، ارجوك ياوزير التعليم ارفع عن عيالي الغياب”، لم تكن مجرد طلب إداري عابر، بل صرخة مدوية تكشف حجم المأساة التي تعيشها آلاف الأسر المصرية المحاصرة بين ضغوط المعيشة وتكاليف التعليم.
الغلاء يطحن الأسر المصرية
شهدت مصر في السنوات الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات الأساسية، بدءًا من الغذاء والدواء، وصولًا إلى مستلزمات التعليم من زي مدرسي وكتب وأدوات. ومع دخول العام الدراسي الجديد، باتت الأسر الفقيرة عاجزة عن توفير أبسط مقومات متابعة أبنائها دروسهم.
السيدة التي ناشدت الوزير ليست حالة فردية، بل تمثل آلاف الأمهات اللاتي يواجهن معركة يومية لتأمين “مصروف اليوم” لأطفالهن، بينما يصبح التعليم رفاهية فوق طاقتهم.
التعليم يتحول إلى عبء مالي
بدل أن يكون التعليم أداة للارتقاء الاجتماعي، أصبح عبئًا إضافيًا على الأسر المصرية. الرسوم المدرسية تتضاعف، والدروس الخصوصية باتت شبه إلزامية لتعويض ضعف المناهج، ما يضاعف الأعباء المالية.
الأم المصرية في الفيديو لا تطالب بتعليم مجاني كامل، ولا حتى بدعم مالي مباشر، بل فقط بمراعاة ظروف أبنائها وعدم حرمانهم بسبب الغياب، في إشارة إلى أن النظام التعليمي لم يعد عادلًا في التعامل مع الفقراء.
البعد الاجتماعي والإنساني
القضية تتجاوز الجانب الإداري لتكشف أزمة اجتماعية عميقة. فحين تضطر أم إلى البكاء علنًا أمام الكاميرا لتستجدي رفع الغياب، فهذا يعني أن السياسات التعليمية لا تراعي الواقع المعيشي للأسر. التعليم حق أساسي تكفله الدساتير والمواثيق الدولية، لكن تطبيقه في مصر بات مشروطًا بالقدرة على الدفع.
صرخة السيدة أثارت تعاطفًا واسعًا على مواقع التواصل، حيث اعتبرها كثيرون صورة صادقة لمعاناة الطبقة الوسطى والفقيرة، التي فقدت الأمل في وعود الإصلاح الاقتصادي.
فكتب أبو عبيدة " تحيا جمهورية انتصار و ابناءها".
تحيا جمهورية انتصار و ابناءها
— أبو أبوعبيدة (@Ali84662Ali) September 22, 2025
وأشار عمر " السيسي داس على الشعب وهيموته من القهر".
السيسي داس على الشعب وهيموته من القهر
— omer (@omer20304050) September 22, 2025
وقال ماهر " ولاحد هيعبرك القادم أسوأ بكثير السيسي هيعوم لـ ٨٠ جنيه للدولار".
ولاحد هيعبرك
— Maher Ali (@MaherAli_1080) September 22, 2025
القادم أسوأ بكثير
السيسي هيعوم لـ ٨٠ جنيه للدولار
ولفت جمال " ابناء وزير تعليم الواطي بيدرسو في لندن على حساب الشعب مصري".
ابناء وزير تعليم الواطي بيدرسو في لندن على حساب الشعب مصري
— Jamal (@Jamal_19785) September 22, 2025
وأوضح أحمد حامد " ليه علاء النهاردة بالذات ؟؟ فيديو الام لوزير التعليم ارفع عن عيالى الغياب كان هيولع الدنيا و كان لازم بنزل من على التريند باى تمن ..و نجحوا انهم ينزلوه ولاد اللعيبة".
ليه علاء النهاردة بالذات ؟؟ فيديو الام لوزير التعليم ارفع عن عيالى الغياب كان هيولع الدنيا و كان لازم بنزل من على التريند باى تمن ..و نجحوا انهم ينزلوه ولاد اللعيبة
— Ahmed Hammad (@sideview8888) September 22, 2025
الرسالة إلى الحكومة
ما قالته الأم بلهجتها الشعبية البسيطة هو رسالة سياسية واجتماعية عميقة: “التعليم في مصر لم يعد متاحًا للجميع”. إذا كانت الدولة ترى في التعليم مشروعًا قوميًّا لبناء الإنسان، فإن تجاهل أصوات كهذه يعني تعميق الانقسام بين فئات المجتمع، ودفع مزيد من الأطفال إلى التسرب أو الانقطاع.
الواجب على وزارة التعليم ليس فقط النظر في مسألة الغياب، بل وضع سياسات أكثر عدالة، مثل دعم الأسر الفقيرة، وتوفير وجبات ومواصلات مجانية، وإعادة النظر في الرسوم والكتب المدرسية.
صرخة: “ارفع عن عيالي الغياب” ليست مجرد طلب أم بسيطة، بل تعبير مكثف عن معاناة شريحة واسعة من المصريين. في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، يصبح التعليم أول الضحايا، بينما يتواصل نزيف العدالة الاجتماعية. وإذا لم تتحرك الحكومة لإعادة التوازن بين الحق في التعليم والقدرة الاقتصادية للأسر، فإن جيلاً كاملًا قد يخرج من العملية التعليمية، لتتعمق دائرة الفقر والتهميش.