لم تعد المسألة مجرد "استيراد غاز"، بل تحولت إلى عملية سطو ممنهجة على جيب المواطن المصري. الجوهر الحقيقي لصفقة الـ 35 مليار دولار "المسمومة" مع الكيان الصهيوني، التي تم تمريرها بعد تجميد، يكمن في شرط إسرائيلي واحد وواضح: "رفع سعر الغاز المصدّر لمصر".

 

نعم، الحكومة المصرية وافقت على شراء الغاز بسعر أعلى، لا لشيء إلا لضمان أرباح الشركات الإسرائيلية، ممهدة الطريق لزيادة حتمية في فواتير الكهرباء والغاز على المواطن المصري المنهك، بينما –ويا للمفارقة– سينعم المواطن الإسرائيلي بانخفاض في فواتيره بفضل هذه الأموال المصرية!

 

الشرط الإسرائيلي المهين: "ادفعوا أكثر لنعيش أرخص"

 

تكشف التفاصيل "الفضائحية" التي نشرها موقع "غلوبس" الاقتصادي العبري أن تل أبيب وضعت "رفع السعر" شرطًا لا رجعة فيه للمضي قدمًا في الصفقة.

 

الآلية الشيطانية للاتفاق تقوم على مبدأ بسيط: يبيع منتجو الغاز الإسرائيليون الوقود لمحطات الكهرباء في إسرائيل بسعر مخفض ومدعوم، ثم يعوضون خسائرهم بالكامل من خلال بيع الغاز لمصر بسعر مرتفع.

 

بمعنى أدق: الحكومة المصرية قبلت أن تلعب دور "الداعم الرسمي" للمواطن الإسرائيلي. فكل دولار زيادة يدفعه النظام المصري في هذه الصفقة، يذهب مباشرة لدعم خفض تعرفة الكهرباء في تل أبيب.

 

المواطن المصري في مواجهة "تسونامي" غلاء الطاقة

 

ماذا يعني قبول مصر بهذا "السعر المرتفع"؟ الخبراء يؤكدون النتيجة الكارثية: ارتفاع تكلفة استيراد الغاز سيؤدي تلقائيًا وبشكل تدريجي إلى زيادة متوسط تكلفة الغاز محليًا في السوق المصرية .

 

هذه الزيادة لن تتحملها الحكومة، بل سيتم تمريرها مباشرة إلى المستهلك النهائي. نحن بانتظار موجة غلاء تضرب ثلاثة قطاعات حيوية:

 

  1. ارتفاع فواتير الكهرباء: لأن الغاز هو المشغل الرئيسي للمحطات، وارتفاع سعره يعني ارتفاع تكلفة الكيلووات.
  2. غاز المصانع: مما سيرفع تكلفة الإنتاج وأسعار السلع.
  3. الاستهلاك المنزلي: زيادة أسعار الغاز الطبيعي في المنازل.

 

إذن، المواطن المصري هو من سيدفع الفاتورة مرتين: مرة في فواتيره المباشرة، ومرة في أسعار السلع التي ستشتعل.

 

الخضوع لمنطق "الأمر الواقع"

 

تبرر حكومة الانقلاب هذه الجريمة بـ "منطق العاجز"، زاعمة أن السعر الإسرائيلي الجديد –رغم ارتفاعه– لا يزال أرخص من الغاز المسال العالمي .

 

هذا التبرير البائس هو اعتراف صريح بالفشل في تأمين بدائل وطنية، واستسلام كامل للابتزاز الإسرائيلي.

 

لقد وضعت الحكومة رقبة الاقتصاد المصري تحت "مقصلة" التسعير الإسرائيلي، وقبلت أن تكون مصر هي "السوق الممول" الذي يضمن لشركات الغاز الإسرائيلية الهرب من منافسة قطر، والأهم من ذلك، يضمن للمستوطن رفاهية الطاقة الرخيصة من عرق وقوت المصريين.

 

الخلاصة: جوهر الصفقة هو "جباية" مقنعة.

 

الحكومة وافقت على رفع الأسعار علينا لخفضها عليهم. إنها معادلة "الخيانة الاقتصادية" في أبشع صورها: غلاء في القاهرة يقابله رخاء في تل أبيب.