في تطور دراماتيكي ينذر بإشعال المنطقة، تحول البحر الكاريبي من ممر مائي هادئ إلى مسرح لعملية عسكرية أمريكية وصفها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـ"القرصنة البحرية الإجرامية". الحادثة التي تمثلت في احتجاز القوات الأمريكية لناقلة نفط ضخمة قرب السواحل الفنزويلية، لم تكن مجرد إجراء روتيني لتطبيق العقوبات، بل بدت كإعلان حرب غير مباشر، خاصة مع تباهي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعملية من داخل البيت الأبيض، واصفًا السفينة بأنها "الأكبر على الإطلاق".
هذه العملية، التي وثقتها المدعية العامة الأمريكية بمقاطع فيديو تظهر إنزالًا جويًا لقوات خاصة، تأتي في سياق حصار اقتصادي وعسكري خانق تفرضه واشنطن على كراكاس منذ سنوات، وتهدف ظاهريًا لقطع شرايين الحياة الاقتصادية عن النظام الفنزويلي، بينما يرى فيها مادورو محاولة مفضوحة لسرقة ثروات بلاده تحت غطاء مكافحة المخدرات.
تفاصيل "الاختطاف".. إنزال جوي وسرقة في عرض البحر
وفقًا للرواية الفنزويلية، لم يكن ما حدث عملية تفتيش، بل "اختطاف" مكتمل الأركان. الرئيس مادورو أوضح أن الناقلة، التي كانت تحمل شحنة ضخمة تقدر بـ 1.9 مليون برميل من النفط، تم اعتراضها أثناء اقترابها من المحيط الأطلسي شمال ترينيداد وتوباجو.
وأعرب مادورو عن قلقه البالغ حيال مصير أفراد الطاقم الذين اختفت أخبارهم، متهمًا واشنطن بـ"خطفهم" في عملية وصفها بأنها افتتاح لعهد جديد من الإجرام في الكاريبي. في المقابل، نشرت باميلا بوندي، المدعية العامة الأمريكية، لقطات فيديو توثق العملية التي شارك فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي وخفر السواحل، بدعوى أن السفينة تنقل نفطًا خاضعًا للعقوبات من فنزويلا وإيران.
ذريعة المخدرات وحقيقة النفط
يرى النظام الفنزويلي أن الادعاءات الأمريكية بمكافحة المخدرات ليست سوى ستار للسيطرة على الموارد. مادورو صرح بلهجة حادة أن "القناع سقط"، وأن الهدف الحقيقي ليس منع المخدرات بل سرقة النفط الفنزويلي. وتأتي هذه التصريحات في وقت تُرغم فيه كراكاس، بسبب العقوبات المستمرة منذ 2019، على بيع نفطها في السوق السوداء بأسعار مخفضة لدول مثل الصين.
حشد عسكري وقاذفات استراتيجية.. قرع طبول الحرب
لا يمكن فصل حادثة الناقلة عن المشهد العسكري المتوتر في المنطقة. منذ سبتمبر الماضي، صعدت واشنطن من تحركاتها، حيث شنت أكثر من 21 غارة في البحر الكاريبي أسفرت عن مقتل 83 شخصًا.
ولم يتوقف الأمر عند الغارات، بل استعرضت واشنطن عضلاتها بإرسال قاذفات استراتيجية من طراز B-52 وB-1 للتحليق قبالة السواحل، وصولاً إلى نشر حاملة الطائرات العملاقة USS Gerald R. Ford. هذه التحركات، المقرونة بتلميحات ترامب حول عمليات برية قريبة، تشير إلى أن واشنطن قد تكون بصدد الانتقال من مرحلة الحصار الاقتصادي إلى المواجهة العسكرية المباشرة، وهو ما توعد مادورو بمقاومته بكل قوة، متهمًا ترامب بالسعي الشخصي للإطاحة به.

