يجد منتقدو دونالد ترامب أنفسهم في حيرة تامة أثناء محاولتهم فهم تقلباته الحادة. من بين هؤلاء، هناك فئة من الموظفين السابقين الذين غادروا إدارته بعد فترات قصيرة، ليصبحوا محللين ومقدمي برامج يتحدثون عنه باستمرار. أحد المواضيع الرئيسية التي يركزون عليها هو صحته العقلية، حيث يُوصف ترامب بأنه غير متزن.

أحد أكثر الأصوات صخبًا في هذا الاتجاه هو جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، والذي سبق له العمل أيضًا في عهد جورج دبليو بوش. يروج بولتون بشكل متكرر لفكرة أن ترامب يعاني من خلل عقلي. عندما سألته مذيعة سي إن إن كايتلان كولينز، عما إذا كان تصريح ترامب بأن بوتين ليس ديكتاتورًا قد يكون تكتيكًا تفاوضيًا، رفض الفكرة تمامًا قائلاً: "أعتقد أن عقله مشوش، وهو يقول أي شيء يخطر بباله".

كما يروي بولتون حادثة حدثت خلال زيارة ترامب للعراق، حيث ادعى الأخير أن الجنرال دان كاين قال له إن بإمكانه القضاء على تنظيم داعش في غضون أسبوع، وأنه ارتدى قبعة MAGA (اجعل أمريكا عظيمة مجددًا) وأعرب عن استعداده "للقتل" من أجل ترامب. بولتون ينفي بشدة هذه الرواية، مؤكدًا أنه لم يرَ كاين يرتدي تلك القبعة أو يدلي بمثل هذه التصريحات.

 

تصريحات سكاراموتشي وانتقادات أخرى

ثمة شخصية أخرى تروج لنفس الفكرة هو أنتوني سكاراموتشي، الذي شغل منصب مدير الاتصالات في إدارة ترامب لمدة 11 يومًا فقط قبل إقالته. بعد أن كان من أشد الموالين لترامب، تحول إلى ناقد شرس له. في عام 2019، صرح لمجلة فانيتي فير بأن "ترامب مجنون وكل شيء فيه فظيع".

بعد فشله في توقع فوز ترامب على كامالا هاريس في الانتخابات الأخيرة، عاد سكاراموتشي للحديث عن تدهور صحة ترامب العقلية. في مقابلة على بودكاست Off Air... with Jane and Fi، أكد أن "ترامب يعاني من مشكلة صحية واضحة"، ونصح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بأن يأخذ ذلك في الاعتبار خلال زيارته للبيت الأبيض.

أما الانتقاد الأكثر إثارة للجدل فجاء من المستشار السياسي الديمقراطي جيمس كارفيل، الذي أشار إلى بقع حمراء على يد ترامب بعد اجتماعه مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي في 28 فبراير. كارفيل ادعى، استنادًا إلى آراء بعض الأطباء، أن هذه البقع قد تكون دليلًا على إصابته بمرض الزهري.

هذه التكهنات ليست جديدة، فقد بدأت منذ ولايته الأولى، حيث كثرت المقالات التي تتساءل عن مدى اتزانه العقلي. لكن العديد منها كان ضعيفًا وغير دقيق، متأثرًا بحالة "متلازمة الهوس بترامب".

التركيز على صحة ترامب العقلية قد يكون وسيلة للهروب من حقيقة أكثر جوهرية: فهو، رغم كل صفاته المثيرة للجدل، يعرف تمامًا ما يريد وكيفية تحقيقه. وربما يكون شخصية مضطربة، يعاني من انعدام الأمان والغرور، لكنه ليس شخصًا فاقدًا للقدرات العقلية.

في ولايته الثانية، يبدو ترامب أكثر تصميمًا وانتقامًا، ويسعى لإعادة تشكيل السياسات الأمريكية بشكل جذري. على الساحة الدولية، فكك أسطورة الدور الأمريكي كشرطي عالمي، وهو ما شكل صدمة للتيارات الليبرالية والمحافظين الجدد الذين يؤمنون بضرورة تدخل واشنطن لضبط النظام العالمي.

قد تكون فلسفة MAGA (اجعل أمريكا عظيمة مجددًا) مليئة بالمخاطر، لكنها لا تنبع من مرض عقلي، بل من رؤية سياسية واضحة، سواء اتفق معها الآخرون أم لا.

https://www.middleeastmonitor.com/20250312-aggrieved-speculation-includes-the-trump-illness-hypothesis/