طالب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقريرين حقوقيين، ضمن حملة (رمضان بلا قضبان)، بإطلاق الحرية لجماهير كرة القدم وكذا المعترضين على الغلاء وارتفاع الأسعار.
وقال تقرير للمركز "مشجعو كرة القدم في مصر يواجهون تحديات تتعلق بتشجيعهم، داعيًا إلى الإفراج عن المشجعين المحتجزين، ومن بينهم طلاب، مطالبًا بإخلاء سبيلهم أسوة بزملائهم الذين تم الإفراج عنهم في قضايا مماثلة، ويؤكد أن استمرار احتجاز هؤلاء الشباب يؤثر سلبًا على مستقبلهم التعليمي والمهني، مع التأكيد على أهمية التمييز بين النشاط الرياضي المشروع والأفعال التي تشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن العام.".
وساق المركز أمثلة على معتقلي الالتراس وأنه في أكتوبر 2024، جددت محكمة جنايات القاهرة حبس باسل سليمان عبد البديع، الطالب الشاب، لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 744 لسنة 2022، المعروفة بقضية “أولتراس أهلاوي 2″، ووُجهت إليه اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة.
والمثال الثاني من حالات مشجعي كرة القدم في مصر، كان في مايو 2023، حيث قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس 72 مشجعًا للنادي الأهلي لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، متهمين بمحاولة إحياء رابطة “أولتراس أهلاوي” المحظورة قانونا.
وعن ألتراس زملكاوي نبهت إلى حالة سيد علي فهيم، المعروف بـ”سيد مشاغب”، قائد رابطة مشجعي نادي الزمالك “أولتراس وايت نايتس”، الذي تعرض للسجن والمحاكمة بتهم متعددة، منها حرق استاد القاهرة وقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، والشروع في القتل.
ومن بعد سيد مشاغب، حالة أحمد هشام شاهين، “بحار”، الذي كان يستعد في يوليو 2020 لحضور مباراة لناديه المفضل، الزمالك. كعضو نشط في رابطة “أولتراس وايت نايتس”، متنقلا بين الملاعب ومرددا الهتافات، واعتقلته قوات الأمن متهمةً إياه بالانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. منذ ذلك الحين، وهو يقبع في الحبس الاحتياطي، متجاوزًا ضعف المدة القانونية المسموح بها.
الحالة الرابعة كانت في إبريل 2023، وبعد مباراة للنادي الأهلي في استاد القاهرة الدولي، تم القبض على أحمد مأمون شاكر أبو الروس وعلي عثمان علي، حيث احتُجزا في قسم شرطة مدينة نصر لمدة يومين، ثم قررت النيابة إخلاء سبيلهما بكفالة مالية.
والحالتان الأخيرتان لم يُفرج عنهما، بل نُقلا إلى نيابة أمن الدولة العليا التي وجهت إليهما اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وارتكاب جرائم تمويل، ونشر أخبار كاذبة، واستخدام حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الغرض، وتم حبسهما احتياطيًا على ذمة القضية رقم 508 لسنة 2023 (حصر أمن دولة عليا)، وجُدد حبسهما عدة مرات خلال الأشهر التالية، حيث اقتربا من الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي القانونية.
سجناء الغلاء
وقال "المركز المصري" إن "مطالب العيش الكريم ليست جريمة" وأنه "مع تراجع الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية، وتقليص #الدعم، والارتفاعات المستمرة في الأسعار، يواجه الملايين صعوبات متزايدة في الحصول على الخدمات العامة التي تتحول تدريجيًا إلى سلع، ما يحرم الفئات الأكثر ضعفًا من حقوقها الأساسية، ويدفعها إلى مزيد من التهميش."، مجددا الدعوات للإفراج عن جميع المحبوسين على ذمة قضايا الغلاء وقضايا الرأي، ليعودوا إلى أحضان أسرهم، ويستعيدوا حريتهم التي هي حقهم الطبيعي، ولكي لا يبقى رمضانهم مقيداً بالقضبان.
وأردف تقرير المركز أنه في ظل هذه الظروف، لجأ البعض إلى التعبير عن استيائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بتحسين الأوضاع المعيشية. لكن، بدلاً من الاستماع إلى هذه الأصوات ومعالجة الأسباب الجذرية لهذا الغضب المبرر، تم حبس عدد منهم حتى الآن.
وتابعت أنه "لا ينبغي أن تكون المطالبة بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية مبررًا للحبس، بل تستدعي من المسؤولين معالجة أسباب الاحتجاجات والغضب المجتمعي بحلول تضمن حياة كريمة لجميع المواطنين على حد سواء، مع الإفراج الفوري عن المحبوسين بسبب تعبيرهم السلمي عن مطالبهم المشروعة".
وساق التقرير حالت قال إن الأمر ليس فرديا "بل جزء من واقع يعيشه العديد من المصريين الذين يعبرون عن استيائهم من الأوضاع الاقتصادية المتردية، حيث تُحمّل السياسات الاقتصادية الحالية العمال والطبقات الفقيرة أعباءً متزايدة، دون فرض التزامات عادلة على أصحاب الأعمال الذين يجنون أرباحًا طائلة، هذا الواقع يُعمّق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، ويُكرّس غياب العدالة الاجتماعية، ما يجعل تحقيقها ضرورة مُلحّة وليس مجرد مطلب مؤجل".
وأكد أن العمال يواجهون "..ظروف عمل غير مستقرة، في ظل التوسع في التعاقدات المؤقتة، والفصل التعسفي، وتدني الأجور، وغياب الحماية الاجتماعية، كما تتعرض المرأة العاملة للتمييز في الأجور وظروف العمل، بينما يعاني صغار الفلاحين وأصحاب المشروعات الصغيرة من غياب الدعم وسيطرة رأس المال الكبير على الأسواق".
وعن الحالات التي انتفضت ضد الغلاء عبدالعزيز رمضان علي، 20 عامًا، (خريج معهد التمريض) بالبحيرة وفي 11 يوليو 2024، تبددت آمال أسرته في الفرح بتعيينه عندما اعتقل واتهمته السلطات بنشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد غلاء الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية.
وأضافت أنه أُدرج اسمه في القضية رقم 3434 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، ووجهت إليه تهم الانضمام إلى جماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
الحالة الثانية من محافظة أسوان، لـ(إسلام محمود عبدالعزيز)، أنهى خدمته العسكرية 3 سنوات، فني ميكانيكي بعقد مؤقت في إحدى شركات القطاع العام، وكان يأمل في تثبيت وظيفته وبناء مستقبل مستقر. وفي يوليو 2024، قُبض عليه بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
أُدرج إسلام أيضًا في القضية رقم 3434 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، ووجهت إليه نفس التهم الموجهة لعبدالعزيز. وبسبب استمرار حبسه الاحتياطي، تلقى إنذارات بالفصل من عمله نتيجة تغيبه الاضطراري، ما يهدد بفقدانه مصدر رزقه الوحيد.
وأشار التقرير إلى أن المعتقلين جزء من واقع مرير يعيشه العديد من الأسر المصرية في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وأنه مع ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، تبقى الأجور متجمدة عند مستويات لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية للمواطنين بحسب المركز المصري.