أثارت تسريبات عن قيام مسؤولين كبار في إدارة دونالد ترامب بمشاركة خطط عسكرية سرية ضد ميليشيا الحوثي في اليمن عبر دردشة جماعية خاصة، تضم صحفيًا بارزًا، ضجة واسعة في واشنطن.
يطالب الديمقراطيون بتحقيق في الكونجرس واستقالة بعض المسؤولين، من بينهم وزير الدفاع بيت هيجسيث ومستشار الأمن القومي مايك والتز.

في تقرير نشرته مجلة "ذا أتلانتيك"، كشف رئيس التحرير جيفري جولدبرج أنه تمكن من متابعة محادثات بين أعضاء إدارة ترامب على مدى يومين قبل سلسلة الغارات الأمريكية في 15 مارس.
لكن وسط هذه الضجة حول تسريب المعلومات، هناك سؤال جوهري مفقود: لماذا يواصل ترامب قصف اليمن؟

على مدار أكثر من عقدين، تبنت الإدارات الأمريكية المتعاقبة سياسات فاشلة تجاه اليمن، شملت القصف المتكرر وعمليات مكافحة الإرهاب ودعم نظام استبدادي حكم البلاد لعقود.
رغم تعهده خلال حملته الانتخابية بأنه "مرشح السلام"، يبدو أن ترامب يعيد تكرار أخطاء الماضي.
 

التدخل الأمريكي وتصاعد نفوذ الحوثيين
   
لم تؤدِ سنوات القصف المكثف من قبل السعودية والإمارات، الحليفين الأساسيين للولايات المتحدة، إلى إضعاف الحوثيين؛ بل على العكس، خرجوا أقوى بعد كل مواجهة عسكرية.
وبحلول نهاية 2021، قدّرت الأمم المتحدة أن الصراع في اليمن أودى بحياة 377 ألف شخص، غالبيتهم ماتوا بسبب المجاعة والكوليرا وانهيار النظام الصحي، وليس في القتال المباشر.

بدلاً من مساءلة ترامب عن استمرار القصف، يركز خصومه السياسيون على فضيحة تسريب المعلومات العسكرية.
ولكن، ماذا حققت الهجمات الأمريكية سوى المزيد من الدمار في بلد يعاني بالفعل من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؟
 

حرب البحر الأحمر والتصعيد ضد الحوثيين
   
تقول إدارة ترامب، إن ضرباتها الأخيرة تهدف إلى وقف هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.
فمنذ هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، ورد إسرائيل بغزو غزة، بدأ الحوثيون في استهداف السفن التجارية المارة عبر مضيق باب المندب، قائلين إنهم يدعمون الفلسطينيين.

أدى ذلك إلى اضطراب في حركة التجارة العالمية، مما دفع إدارة بايدن إلى شن غارات مشتركة مع بريطانيا على مواقع حوثية في يناير 2024.
لكن هذه الهجمات لم تردع الحوثيين، بل زادت من عملياتهم، كما استمروا في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل.

في يوليو 2024، ردّت إسرائيل بشن غارات جوية على اليمن، استهدفت مطار صنعاء ومحطات كهرباء وموانئ.
ومع ذلك، لم يتوقف الحوثيون عن هجماتهم، مما أدى إلى تصعيد أمريكي جديد بعد دخول ترامب البيت الأبيض في يناير 2025.
 

فشل استراتيجية بايدن وتمكين الحوثيين
   
تجاهلت إدارة بايدن الحل الأكثر وضوحًا لإنهاء الأزمة في البحر الأحمر (الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة).
لكن بايدن استمر في دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، متجنبًا اتخاذ أي خطوة جدية لإيقاف الحرب.

عندما تم التوصل إلى هدنة مؤقتة في يناير، أوقف الحوثيون هجماتهم فورًا، مما أثبت صحة مزاعمهم بأن استهداف السفن مرتبط بالتصعيد في غزة.
لكن عندما رفض نتنياهو تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تضمنت انسحابًا إسرائيليًا كاملًا، استأنفت إسرائيل قصفها لغزة في 18 مارس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني في يوم واحد، ليعود الحوثيون إلى استهداف السفن مجددًا.
 

إدارة ترامب تكرر أخطاء الماضي
   
بدلاً من الدفع باتجاه وقف الحرب، اختارت إدارة ترامب تصعيد القصف ضد الحوثيين.
ووفقًا لتسريبات "جروب شات"، لم يناقش أي مسؤول في إدارة ترامب إمكانية استخدام الدبلوماسية لوقف التصعيد.

يواصل البيت الأبيض، كما الإدارات السابقة، استخدام القوة العسكرية في اليمن دون استراتيجية واضحة، في تكرار لسلسلة إخفاقات تمتد لعشرين عامًا.
والنتيجة، كما هو متوقع، المزيد من المعاناة للشعب اليمني، وتمكين الحوثيين أكثر، بدلاً من إضعافهم.

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/mar/28/trump-cabinet-military-signal-chat-yemen