تشهد مقار المحاكم الابتدائية في جميع محافظات الجمهورية، اليوم الأحد، تحركات ميدانية غير تقليدية يقودها المحامون، اعتراضًا على ما وصفوه بـ"الرسوم القضائية المجحفة". فقد دعت نقابات المحامين الفرعية إلى تنظيم وقفات احتجاجية موحّدة تحت إشراف مجالسها، تنفيذًا لقرارات اتُّخذت في اجتماع مشترك عُقد مؤخرًا بين النقابة العامة ونقباء الفرعيات، برئاسة عبد الحليم علام، نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب. احتجاج قانوني... ضد "غير القانوني" التحرك الجماعي يأتي ردًا على قرار مجلس رؤساء محاكم الاستئناف بفرض رسوم جديدة تحت مسمى "مقابل خدمات مميكنة"، وهو ما اعتبرته النقابة العامة للمحامين "مخالفًا للدستور والقانون"، وينال من مبدأ الحق في التقاضي، الذي تكفله النصوص الدستورية للمواطنين دون أي قيود مالية غير مبررة. النقيب عبد الحليم علام، وفي بيان حاسم، أكد أن النقابة "لن تتهاون" في الدفاع عن حقوق أعضائها، ولن تقبل بأي إجراءات مالية تُثقل كاهل المحامين أو المتقاضين، معتبرًا أن ما يحدث "يتجاوز حد المعقول ويهدد استقرار العدالة". اجتماع أزمة... وقرارات تصعيدية الاحتجاجات تأتي في أعقاب اجتماع موسع عُقد بمقر نادي المحامين بمدينة 6 أكتوبر، شارك فيه أعضاء مجلس النقابة العامة إلى جانب نقباء النقابات الفرعية، وأسفر عن حزمة قرارات تؤسس لتحرك نقابي غير مسبوق على مستوى المهنة. أبرز ما صدر عن الاجتماع: رفض قاطع للزيادات المفروضة، خاصة تلك التي تم تطبيقها بمحاكم الاستئناف، بوصفها "مخالفة لمبدأ المشروعية الدستورية". تفويض النقيب العام للتواصل مع الجهات الرسمية والتشريعية المعنية، بهدف إلغاء القرار وإعادة الأمور إلى نصابها. اتخاذ قرار تصعيدي بوقف التعامل مع خزائن المحاكم، مع تأجيل إعلان موعد التنفيذ، في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات. إبقاء مجلس النقابة في حالة انعقاد دائم لمتابعة التطورات وضمان عدم الإضرار بالمحامين أو المتقاضين. بين العدالة والجباية: معركة دستورية يرى مراقبون أن الأزمة الحالية تمثل اختبارًا حقيقيًا للعلاقة بين السلطة القضائية ومؤسسة المحاماة، خصوصًا في ظل تكرار الحديث عن "تحصيل أموال مقابل خدمات" دون إطار تشريعي واضح، وهو ما يضع علامات استفهام حول آليات اتخاذ القرار في المرفق القضائي، ودور المحامين كشركاء أساسيين في منظومة العدالة. كما حذّر عدد من المحامين أن "المساس بحق التقاضي من خلال فرض رسوم مرتفعة يمس الفقراء ومحدودي الدخل أولًا"، مشيرين إلى أن الدفاع عن مجانية التقاضي هو دفاع عن حق أساسي من حقوق الإنسان، قبل أن يكون مجرد موقف نقابي. وبحسب مصادر داخل النقابة، فإن الأيام القادمة ستشهد تحركات على عدة مستويات، تشمل التواصل مع وزارة العدل، واللجنة التشريعية بمجلس النواب، ومخاطبة الجهات الرقابية، للضغط من أجل إلغاء القرار. في الوقت نفسه، تستعد النقابة العامة لخطوات قانونية قد تصل إلى الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا.