يحلّ عيد العمال هذا العام وسط موجة من القلق والانتقادات الحادة لقانون العمل الجديد، وتفاقم الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة في مصر، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وتحديات تشريعية، وهيكلية، وحقوقية تُضعف من حماية العامل وتُجهز على ما تبقّى من مكتسباته التاريخية.

 

أحزاب ومنظمات تنتقد.. قانون بلا توازن وأجور بلا عدالة
   أبرز الانتقادات جاءت من حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، الذي وصف في بيانه السنوي للعيد المشهد الراهن بأنه "هجمة غير مسبوقة من رأس المال المحلي والعالمي"، في ظل أزمة رأسمالية مستمرة منذ 2008، ازدادت حدةً بالحروب والجائحة وصعود اليمين المتطرف، وصولًا إلى الحرب "الإجرامية" في غزة، التي قال إنها "تحظى بدعم أمريكي وتواطؤ غربي".

ورأى الحزب أن سياسات النظام لا تنفصل عن هذا السياق، إذ "تنحاز بوضوح للأغنياء على حساب الغالبية"، مشيرًا إلى أن موافقة البرلمان مؤخرًا على قانون العمل الجديد تؤكد هذا الانحياز، عبر "تقنين الفصل التعسفي، وغياب الأمان الوظيفي، وتوسيع دور شركات التوظيف الوسيطة، واستثناء شرائح واسعة من الحماية القانونية، وتخفيض الزيادات السنوية، وتجاهل العمالة غير المنتظمة، وتفكيك النقابات المستقلة".

 

ديمقراطيون: نريد شراكة لا شعارات
   أما الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فقد ركّز في بيانه على تشخيص المشكلات البنيوية في سوق العمل، موجهًا خطابه نحو "شراكة حقيقية في صياغة المستقبل"، بدلًا من الاكتفاء بالخطب والمناسبات.

وأكّد أن ما يحتاجه العامل المصري هو "العمل اللائق، والأجر العادل، والحماية الاجتماعية"، في ظل تحديات كبيرة تتمثل في تراجع قيمة الأجور، وتقلص التأمينات، واتساع رقعة العمل غير الرسمي.

 

منظمات حقوقية: منظومة الأجور مشوّهة وضعف الرقابة فادح
   في السياق ذاته، أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ورقة سياسات انتقد فيها المنظومة الحالية للأجور، قائلًا إنها تعاني من غياب مؤشرات شاملة، وضعف الرقابة على تطبيق الحد الأدنى، إلى جانب تفاوتات كبيرة جغرافيًا وقطاعيًا. ولفت المركز إلى أن التعريف التشريعي الحالي لـ"الأجر" في القوانين المصرية "غير دقيق"، ما يؤدي إلى "تضليل السياسات الاقتصادية المرتبطة بتوزيع الدخل".

واقترح المركز إنشاء وحدة تحليلية مستقلة داخل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تتولى إصدار مؤشر دوري للأجور الحقيقية، يربط هذا المؤشر بالموازنات العامة، كما طالب بإصلاح تشريعي لتعريف الأجر وتوسيع نطاق بياناته لتشمل القطاع غير الرسمي الذي يضم ملايين العاملين غير المشمولين بالحماية.

 

قانون العمل الجديد: بين تحسينات محدودة ونقد حقوقي واسع
   منتصف أبريل الماضي، أقرّ مجلس النواب نهائيًا قانون العمل الجديد، وهو القانون الذي طال انتظاره بعد سنوات من النقاش، ورغم تضمنه بعض التحسينات الشكلية مثل تمديد إجازات الأمومة وإدخال مواد جديدة تتعلق بحقوق ذوي الإعاقة، إلا أن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اعتبر في تقرير سابق له أن القانون "لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال"، ويتجاهل الضمانات الأساسية للحق في التنظيم النقابي والأمان الوظيفي.

 

بين التضخم والجوع: الحد الأدنى للأجور بلا حد أدنى للحياة
   ورغم الإعلان الحكومي عن زيادات متكررة في الحد الأدنى للأجور، تُجمع القوى العمالية والحقوقية أن هذه الزيادات لا تواكب معدلات التضخم المتسارعة التي تلتهم أي تحسّن اسمي في الدخول.

إذ تشير التقارير إلى أن تطبيق الحد الأدنى للأجور يفتقر إلى رقابة حقيقية، فيما يظل ملايين العمال خارج مظلة التطبيق، خاصة في القطاع الخاص وغير الرسمي.