بينما تستعد محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ لإصدار حكمها بعد يومين، تقف قضية سمية ماهر حزيمة كشهادة قاسية على إخفاقات نظام العدالة في مصر.
فعلى مدار ثماني سنوات، وجدت المواطنة البالغة من العمر الآن 34 عامًا والحاصلة على بكالوريوس في العلوم، نفسها عالقة في كابوس قانوني، حيث تعرضت للحبس الاحتياطي المطول ولسلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

إن محنتها، الموثقة في القضية رقم 955 لسنة 2017، والمعروفة إعلاميًا بـ"قضية التخابر مع تركيا"، ستصل إلى ذروتها في جلسة يوم 20 أكتوبر 2025، حيث سيتقرر مصيرها ومصير العشرات غيرها بعد سنوات من الانتهاكات الممنهجة.
يرصد هذا التقرير، استنادًا إلى معلومات الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الانتهاكات الخطيرة التي تعرضت لها حريتها وكرامتها.
 

اختطاف وإخفاء قسري وتعذيب
بدأت المأساة في الساعات الأولى من فجر يوم الثلاثاء الموافق 17 أكتوبر 2017، عندما داهمت قوة أمنية كبيرة منزل القيادي العمالي ماهر أحمد حزيمة في مدينة دمنهور.
بعد تفتيش المنزل لساعات ومصادرة أجهزة إلكترونية شخصية، اعتقلت القوة ابنته سمية التي كانت تبلغ من العمر 26 عامًا.

تبع ذلك فترة 70 يومًا من الإخفاء القسري، حيث احتُجزت سمية في زنزانة انفرادية بمقر مجهول، تبين لاحقًا أنه تابع لجهاز المخابرات العامة.
خلال هذه الفترة، تعرضت لانتهاكات جسدية ونفسية بالغة القسوة. وعندما مثلت أخيرًا أمام نيابة أمن الدولة العليا في ديسمبر 2017، نفت بشدة جميع التهم الموجهة إليها، لكن النيابة أمرت بحبسها احتياطيًا، لتبدأ رسميًا رحلة سجنها التي دامت ثماني سنوات دون إدانة.
 

سنوات من العزلة والإهمال القاسي
بعد مثولها الأول أمام النيابة، اختفت سمية مرة أخرى داخل منظومة الاحتجاز الغامضة.
لمدة عام كامل، حُرمت أسرتها وفريقها القانوني من أي معلومات عن مكانها أو حالتها، في انتهاك صارخ للقانون المصري والمواثيق الدولية.
وظلت رهن الحبس الانفرادي، حيث استمرت الضغوط النفسية وسوء المعاملة الجسدية بلا هوادة.

وفي سبتمبر 2018، نُقلت إلى سجن القناطر للنساء، لكن ذلك لم يجلب أي انفراجة. فقد فُرض حظر على الزيارة، قيل إنه صدر بـ"أوامر عليا"، واستمر لأكثر من ست سنوات، مما عزلها تمامًا عن أسرتها.

وتشير شهادات من معتقلات سابقات كن مع سمية إلى نمط من الاعتداءات، بما في ذلك الضرب والمعاملة المهينة داخل سجن القناطر.
ويُزعم أن هذه الأفعال تمت بتوجيه مباشر من ضباط الأمن الوطني وتحت إشراف رئيس مباحث السجن، عمرو هشام.
وقد أدى هذا العزل المطول والإهمال الطبي الممنهج إلى تدهور حاد في صحتها الجسدية والنفسية، دون أي رقابة قضائية أو حقوقية للتدخل.
 

محاكمة تفتقر لأبسط معايير العدالة
في 17 نوفمبر 2021، وبعد تجاوز الحد الأقصى القانوني للحبس الاحتياطي بفترة طويلة، أُحيلت قضية سمية أخيرًا إلى محكمة الجنايات. بدأت المحاكمة، التي تضم 81 متهمًا (35 منهم محبوسون و46 يُحاكمون غيابيًا)، في 8 يناير 2022.

شاب الإجراءات تجاهل تام لأسس المحاكمة العادلة.
فقد رُفضت بشكل قاطع الطلبات الرسمية والمتكررة التي قدمها فريق الدفاع للسماح لسمية بالتواصل مع محاميها والسماح لأسرتها بزيارتها.
يشكل هذا الرفض خرقًا جسيمًا للحق في الدفاع والمبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة. ولم يُسمح لأسرتها بزيارتها إلا مرة واحدة شهريًا بعد نقلها مؤخرًا إلى سجن العاشر من رمضان.

هذا الإجراء المحدود لا يكاد يخفي الظلم العميق الذي تعرضت له. ومع قرار المحكمة، برئاسة المستشار محمد سعيد الشربيني، بتأجيل النطق بالحكم من 20 يوليو إلى يوم الاثنين المقبل، تستمر معاناة سمية الطويلة تحت ستار عملية قانونية خذلتها باستمرار.

تطالب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بتصحيح فوري للمسار، وتشدد على ضرورة ضمان محاكمة عادلة، وتمكينها من التواصل مع أسرتها ومحاميها دون عوائق، وتوفير الرعاية الطبية العاجلة، ووضع حد للاستخدام السياسي للحبس الانفرادي.