ذكرت صحيفة دويتشه فيله أن الكيان الصهيوني كان يتابع عن كثب جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخليج هذا الأسبوع، والتي شملت السعودية وقطر والإمارات، بينما غابت إسرائيل عن جدول الزيارات، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين تجاهلًا مقصودًا من ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خصوصًا في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب الحرب في غزة.
قال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس، والمعلق السياسي في صحيفة هآرتس، لدويتشه فيله إن "ترامب في الأسابيع الأخيرة همّش نتنياهو تمامًا، وتصرّف وكأن إسرائيل لم تعد حليفًا".
تزامن ذلك مع تصعيد عسكري إسرائيلي جديد في غزة، حيث قصفت الطائرات والمجنزرات مناطق عدة في الشمال، ما أسفر عن مقتل نحو 90 شخصًا، بينهم أطفال، وفق السلطات الصحية المحلية، بينما صدرت أوامر بإجلاء المزيد من المدنيين إلى مناطق غير آمنة.
وأثارت صفقة الإفراج المفاجئة عن الجندي الأمريكي الإسرائيلي عدن ألكسندر، بوساطة مباشرة بين واشنطن وحماس، تكهنات حول تراجع دور نتنياهو في المحادثات، ما اعتبره محللون إسرائيليون إشارة إلى ابتعاد ترامب عنه.
يُذكر أن ألكسندر أُسر خلال هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي قادته حماس، وما زال هناك 58 رهينة في غزة، يُعتقد أن 21 منهم أحياء. وفي يناير، أطلقت حماس سراح 33 رهينة مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، لكن إسرائيل نسفت المرحلة الثانية من الاتفاق في مارس معلنة عزمها القضاء على حماس.
خلال جولته الخليجية، عقد ترامب صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار مع السعودية، إضافة إلى اتفاق استثماري بـ600 مليار دولار لتعزيز القدرات التكنولوجية الخليجية، ما أثار قلقًا في إسرائيل التي تعتبر تفوقها التكنولوجي والعسكري من ركائز أمنها.
وفي أبريل، زار نتنياهو واشنطن على أمل إقناع ترامب بإلغاء الرسوم الجمركية على الواردات الإسرائيلية، لكنه فوجئ بإعلان مفاوضات أمريكية مباشرة مع إيران بشأن ملفها النووي. كما أغضب ترامب إسرائيل حين كشف عن هدنة مع الحوثيين في اليمن، رغم استهدافهم مطار بن جوريون قبلها بيومين فقط.
يشير بينكاس إلى أن ترامب يرى في نتنياهو شخصية مخادعة، خصوصًا فيما يتعلق بإيران وغزة، وأنه يعتمد على سياسة تبادلية بحتة، ويتوقع من نتنياهو أمرين: وقف الحرب في غزة والانخراط في محادثات مع إيران، لكن الأخير يرفض الأمرين.
يرى البعض أن ترامب يعمل على إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وقد يكون سعيه للتقارب مع السعودية وسوريا جزءًا من هذا التصور، إلا أن يكي ديان، القنصل الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة، يرى أن إسرائيل أضاعت فرصة لتكون في قلب هذه التحولات، بسبب استمرار الحرب.
يضيف ديان أن ترامب كان ينتظر من إسرائيل إنهاء الحرب، وهو ما يرفضه نتنياهو، لأن وقف الحرب سيهدد تماسك ائتلافه الحكومي، ويحرمه من مبرر بقائه في السلطة.
تتوقف تطورات العلاقة بين ترامب ونتنياهو على ما سيحدث في غزة، في ظل تعثر المفاوضات الجارية في قطر للتوصل إلى اتفاق جديد بين إسرائيل وحماس، وتصعيد إسرائيل عملياتها العسكرية وتبنيها خطة لاحتلال أجزاء واسعة من غزة، وإجبار سكانها على النزوح جنوبًا، وهي خطوة اعتبرها خبراء جريمة حرب محتملة.
ورغم دعم إسرائيل لخطة مساعدات إنسانية أمريكية مثيرة للجدل، فإنها لم ترفع الحصار الخانق المفروض على غزة، والذي حرم السكان من الغذاء والدواء والوقود. ووفق خبراء أمن غذائي، تواجه غزة خطر المجاعة خلال أسابيع.
خلال زيارته إلى قطر، قال ترامب: "لديّ تصور لغزة، أريد تحويلها إلى منطقة حرة، ودعوا الولايات المتحدة تديرها كمنطقة حرية".
لكن استمرار الحرب يعيق مساعي ترامب لتحقيق تطبيع شامل بين إسرائيل والسعودية، وتوسيع اتفاقيات أبراهام التي توسطت فيها إدارته السابقة.
ورغم المؤشرات على فتور العلاقة بين ترامب ونتنياهو، لا يوجد ما يشير إلى أن واشنطن ستضغط على إسرائيل لوقف العمليات، في حال فشل المفاوضات.
يقول ديان: "الحرب تزعج ترامب، لكنه لن يمنع نتنياهو من مواصلة التصعيد. وفي النهاية، يعتقد ترامب أن ما يجري جيد لإسرائيل".
يختم ديان بالقول إن هناك أمورًا عديدة تقلق إسرائيل، كصفقات السلاح الضخمة مع السعودية والملف الإيراني، لكنه يرى أن وجود ترامب في مركز إعادة تشكيل المنطقة، أفضل من تركها للصين أو روسيا.
https://www.dw.com/en/donald-trump-benjamin-netanyahu-israel-hamas-war-gaza-saudi-arabia/a-72561885