في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، حذر خبراء في القانون والدبلوماسية من أن استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهدايا أجنبية واستثمارات موجهة من دول الخليج يشكل سابقة غير مسبوقة، في ظل إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية وفق نهج يعتمد على "الدفع مقابل الوصول"، متجاوزًا حدود ما فعلته إدارات سابقة.
خلال جولته الدبلوماسية الأولى في الشرق الأوسط خلال ولايته الحالية، عقد ترمب صفقات أعلن أنها تقدر بتريليونات الدولارات، وطلب من قادة المنطقة استثمارات لدعم رؤيته لـ"أمريكا أولًا"، متجاهلًا اعتبارات حقوق الإنسان والقانون الدولي لصالح أرباح الشركات الأمريكية.
لكن هذا النهج، كما يرى منتقدوه، يصب أيضًا في مصلحة ترمب الشخصية، إذ ارتفعت ثروة عائلته بأكثر من ثلاثة مليارات دولار وفق تقديرات صحفية، بالإضافة إلى أرباح غير معلنة من العملات الرقمية وخطط استثمارية تحمل اسمه.
ريتشارد بينتر، المستشار القانوني السابق في إدارة جورج بوش الابن، حذر من أن تقديم هدايا للرئيس قد يؤثر على موقف الولايات المتحدة في مفاوضاتها الدولية.
وقال: "إذا قدم طرف أجنبي معروف طائرة أو هدية للرئيس، فالعالم سيظن أن موقف أمريكا يمكن شراؤه".
وأضاف نورم إيسن، الذي شغل منصب مستشار الأخلاقيات في إدارة أوباما: "ترمب علّق لافتة للبيع أمام البيت الأبيض. قطر تعرض طائرة بـ400 مليون دولار، والإمارات ترد باستثمار ملياري في شركة عملات رقمية مقربة منه".
إحدى أبرز الحالات تمثلت في عرض قطري لتقديم طائرة فاخرة من طراز بوينغ 747-8 إلى وزارة الدفاع الأمريكية، طائرة وصفها ترمب بأنها "لفتة عظيمة" واقترح استخدامها كطائرة رئاسية ثم تسليمها لمكتبته الرئاسية بعد مغادرته المنصب.
لكن نواب ديمقراطيين وصفوها بـ"القصر الطائر"، ووجهوا انتقادات شديدة، حتى من داخل معسكر ترمب.
ورغم أن الهدية موجهة رسميًا إلى وزارة الدفاع، يرى مراقبون أن ترامب سيستفيد منها، ما يثير شبهة انتهاك لبند المكافآت في الدستور الأمريكي، الذي يمنع المسؤولين من تلقي هدايا من حكومات أجنبية.
بينما شكك خبراء قانونيون آخرون في إمكانية تصنيفها كجريمة مباشرة.
ترامب، بحسب التقرير، تجاهل تقاليد الرؤساء السابقين في الابتعاد عن تضارب المصالح.
ففي الماضي، رفضت الإدارة الأمريكية ساعات فاخرة وهدايا رمزية تجنبًا للشبهات، وكان مستشارو أوباما يمنعونه من تصرفات قد تحمل شبهة تأثير مثل إعادة تمويل بيته الشخصي.
الهدايا ليست وحدها ما يقلق المعارضين. فقد أبدى مسؤولون سابقون ودبلوماسيون قلقهم من الاستثمارات في العملات الرقمية المرتبطة بترامب، والتي تسمح بتحويل أموال ضخمة في الخفاء، كما حصل هذا الأسبوع حين اشترت شركة مجهولة ترتبط بالصين 300 مليون دولار من عملة رقمية باسم ترمب، دون وجود نشاط تجاري واضح لها.
وفي الكونجرس، طالب ديمقراطيون بتعديل قانون يدعمه ترامب، لتشديد الرقابة على العملات الرقمية، ومنع استغلالها سياسيًا، محذرين من استخدامها من قبل جهات معادية لتقويض الأمن القومي الأمريكي.
روفس جيفورد، المسؤول السابق عن البروتوكول في وزارة الخارجية، وصف السلوك الحالي بأنه "مقلق للغاية"، مؤكدًا أن احترام قواعد الهدايا ليس مجرد أمر شكلي، بل خط الدفاع الأول ضد الفساد.
وفي ختام تقريرها، تؤكد الجارديان أن إدارة ترامب تعيد تشكيل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، مع التركيز على العلاقات مع دول الخليج، بينما تزداد المؤشرات على تداخل المصالح الشخصية والعائلية مع قرارات الدولة.
"ما يحدث الآن لم يكن من المفترض أن يحدث أبدًا، وهذا ما يجعله خطيرًا ومذهلًا"، بحسب جيفورد.
https://www.theguardian.com/us-news/2025/may/17/trump-foreign-gifts-plane-gulf-states