قررت الحكومة البريطانية رسميًا حظر منظمة "فلسطين أكشن" واعتبارها جماعة إرهابية، لتصبح بذلك أحدث منظمة تُدرج ضمن قائمة الإرهاب بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000. ويعني هذا القرار، الذي دخل حيز التنفيذ، أن الانضمام إلى المنظمة أو حتى مجرد التعبير عن دعمها أصبح يُعد جريمة جنائية قد تؤدي إلى السجن لمدة تصل إلى 14 عامًا، في تصعيد غير مسبوق تجاه الحركات المؤيدة لفلسطين.

 

القضاء يرفض الطعون

بدأت فصول الأزمة القانونية عندما رفض قاضٍ في المحكمة العليا البريطانية، يوم الجمعة، طلب المنظمة بتعليق مؤقت للحظر الذي أعلنت عنه الحكومة أواخر يونيو. واعتبرت المحكمة أن الحجج المقدمة من قبل المدعية هدى عموري – وهي إحدى مؤسسات المنظمة – "مبالغ فيها"، بحسب ما ورد في حكم القاضي تشامبرلين المؤلف من 26 صفحة.

ورفضت محكمة الاستئناف لاحقًا في اليوم نفسه الطعن المستعجل الذي تقدمت به "فلسطين أكشن"، مما جعل قرار الحظر ساري المفعول دون إمكانية تجميده لحين نظر المحكمة العليا في الطعن النهائي.

 

وزيرة الداخلية: "تخريب غير مقبول"

جاء القرار الحكومي بالحظر بعد سلسلة من التحركات والأنشطة التي نفذتها المنظمة خلال السنوات الماضية، استهدفت فيها مصانع وشركات مرتبطة بإنتاج وتوريد الأسلحة لإسرائيل.

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، قد أعلنت يوم 23 يونيو عن نيتها حظر "فلسطين أكشن"، ووصفت أنشطتها بـ"التخريب الإجرامي غير المقبول"، في إشارة إلى الهجمات التي استهدفت منشآت تابعة لشركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية داخل المملكة المتحدة.

وأكدت كوبر أن المنظمة "لها سجل طويل من الانتهاكات والتخريب"، مشيرة بشكل خاص إلى حادثة وقعت في قاعدة "بريز نورتون" الجوية الملكية، والتي وجّهت على إثرها السلطات اتهامات لأربعة أشخاص يُعتقد أنهم على صلة بـ"فلسطين أكشن".

 

ما هي "فلسطين أكشن"؟

تُعد "فلسطين أكشن" واحدة من أبرز الحركات الاحتجاجية المناهضة لسياسات إسرائيل والداعمة لحقوق الفلسطينيين في أوروبا. تأسست المنظمة في يوليو 2020، بعد اقتحام عدد من النشطاء لمقر شركة "إلبيت سيستمز" – وهي أكبر شركة للأسلحة في إسرائيل – في لندن، حيث قاموا برش الطلاء الأحمر في أرجاء المبنى في ما اعتُبر رمزًا للدماء التي تُراق في غزة.

وتبنت الحركة منذ تأسيسها أسلوب "العمل المباشر"، متضمنًا أساليب مثل: احتلال المباني، وتعطيل العمليات، والتخريب، وقطع الإمدادات، بغرض تعطيل تجارة الأسلحة بين المملكة المتحدة وإسرائيل.

تتمحور أنشطة الحركة حول مصانع "إلبيت" الإسرائيلية داخل بريطانيا، والتي تُتهم بتصنيع مكونات تدخل في الطائرات المُسيرة والصواريخ المستخدمة في الهجمات على الفلسطينيين. وأعلنت المنظمة أنها تسعى إلى "تفكيك البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية في بريطانيا".

 

قيادة المنظمة.. جذور فلسطينية ويسار متجذر

تشارك في تأسيس المنظمة الناشطة هدى عموري، وهي ابنة لعائلة فلسطينية، إلى جانب ريتشارد برنارد، المعروف بنشاطه في أوساط اليسار البريطاني. وتعرض كلاهما – إلى جانب عشرات من أعضاء المنظمة – للاعتقال عدة مرات خلال السنوات الماضية بسبب نشاطاتهم الاحتجاجية التي شملت تدمير ممتلكات خاصة وعامة.

 

بين الدعم الشعبي والتجريم السياسي
لقي قرار الحظر ردود فعل متباينة؛ فبينما رحبت به بعض الأصوات المحافظة بوصفه خطوة لحماية "الأمن العام"، أدانت منظمات حقوقية وناشطون في مجال حرية التعبير هذا التصنيف، معتبرين أنه يمثل انتهاكًا صارخًا لحق التظاهر وحرية العمل السياسي السلمي.

يُشار إلى أن بريطانيا سبق وأن أدرجت أكثر من 80 منظمة ضمن قائمة الإرهاب، من بينها جماعات مثل "حماس" و"القاعدة"، ما يطرح تساؤلات جدية حول معايير التصنيف وازدواجية المعايير في التعامل مع منظمات تنشط ضمن أطر احتجاجية غير مسلحة.