كتب صالح سالم أن الضربات الجوية الإسرائيلية على الدوحة الأسبوع الماضي أضافت توتراً جديداً إلى علاقات القاهرة وتل أبيب، إذ رأت مصر أن استهداف قادة حماس يمثل تصعيداً خطيراً قد يضعها في خط النار. حذرت القاهرة واشنطن بأن أي اغتيال لقادة الحركة على أراضيها سيفتح "أبواب الجحيم"، وقررت تقليص التنسيق الأمني مع إسرائيل.
أوضح موقع العربي الجديد أن التوتر سبق أحداث الدوحة، إذ تزايدت الخلافات بين القاهرة وتل أبيب على خلفية الحرب في غزة، ما أثار تكهنات حول مستقبل اتفاق السلام الموقع عام 1979 بعد أربع حروب بين الجانبين. وبعد نحو 45 عاماً، يفتقر هذا الاتفاق إلى القبول الشعبي والتكامل الاقتصادي، فيما أثارت التطورات الأخيرة نقاشاً جديداً حول مدى صموده.
صعّدت مصر انتقاداتها للحرب في غزة، فاتهمت الجيش الإسرائيلي بفرض قيود على دخول المساعدات الإنسانية، وحذرت من مخاطر دفع السكان جنوباً باتجاه حدودها. وصف رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي الحرب بأنها "إبادة جماعية ممنهجة"، وأكد أن بلاده لن تتحول إلى بوابة لتهجير الفلسطينيين. أثار الغضب المصري قلق تل أبيب التي لوّحت بتجميد صفقة غاز قيمتها 35 مليار دولار، كان من شأنها سد الفجوة بين إنتاج مصر واستهلاكها. وردّ نتنياهو باتهام القاهرة بسجن الفلسطينيين داخل غزة.
قال الباحث السياسي المصري محمد ربيع الديهي للعربي الجديد إن "الحرب الوحشية التي يشنها نتنياهو ورؤيته لما يسمى إسرائيل الكبرى تثير غضباً واسعاً في مصر".
دوافع الانفجار
ترتبط المخاوف المصرية بخطط إسرائيل لتهجير سكان غزة، وهي فكرة طرحها سياسيون إسرائيليون منذ بداية الحرب وتحولت لاحقاً إلى سياسة مدعومة من إدارة ترامب. أجبرت إسرائيل مئات الآلاف على النزوح جنوباً نحو مناطق إنسانية قرب الحدود المصرية، حيث تراكمت أعداد هائلة من النازحين.
أوضح الديهي أن "مخاوف مصر من نزوح واسع إلى سيناء مشروعة، فهذا السيناريو سيضعها أمام أزمة أمنية واقتصادية ويهدد الاستقرار الإقليمي". نشر الجيش المصري قوات إضافية على الحدود لمنع التهجير، لكن إسرائيل اعتبرت هذه التحركات خرقاً لاتفاقية كامب ديفيد.
في الداخل المصري، تعرضت الحكومة لضغوط شعبية ودولية مع اندلاع احتجاجات أمام السفارات المصرية بالخارج، حيث اتهم متظاهرون السلطات بالتقصير في دعم الفلسطينيين. وردّت القاهرة بإجراءات علنية أبرزها ظهور السيسي على شاشات التلفزيون لاتهام إسرائيل بعرقلة المساعدات عند معبر رفح، وتنظيم زيارات لمسؤولين أجانب إلى الحدود لإظهار جهودها الإنسانية.
بؤر قابلة للاشتعال
يرى محللون أن تراكم هذه الملفات قد يقود إلى تصعيد سريع. قال اللواء المتقاعد محمد الغباري للعربي الجديد: "مصر قلقة بشدة من محاولات إسرائيل دفع السكان نحو حدودها، كما تستخدم تل أبيب المساعدات أداة ضغط خانقة".
حذّر مسؤولون إسرائيليون من أن زيادة القوات المصرية في سيناء قد تُفسَّر كتحضير لهجوم، وهو ما يفتح الباب أمام مواجهة عسكرية إذا بادرت إسرائيل بضربة استباقية. سيناريو كهذا سيستدعي رداً مصرياً حتمياً وقد يشعل حرباً شاملة.
أدت الضربات الأخيرة في الدوحة أيضاً إلى احتمال انتقال ملف الوساطة في غزة كاملاً إلى مصر إذا انسحبت قطر من دورها. وفي هذه الحالة، سيستضيف القاهرة قادة حماس السياسيين، وهو ما قد يعرّضها لاستهداف مباشر بعد تهديد نتنياهو بملاحقتهم "في أي مكان".
معوقات الحرب
رغم التوترات المتصاعدة، يستبعد خبراء في القاهرة أن ينزلق الطرفان إلى حرب مفتوحة. قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أحمد يوسف للعربي الجديد: "معاهدة السلام كبحت ردود مصر طيلة عقود وألزمتها بعدم اللجوء للخيار العسكري في مواجهة انتهاكات إسرائيلية ضد دول عربية أخرى". لكنه أضاف أن "أي هجوم مباشر على مصر سيجبرها على الدفاع عن نفسها، ما قد ينسف معاهدة 1979 بالكامل".
ورأى يوسف أن التصعيد يتطلب تجاوز خطوط حمراء متعمدة، بينما تشير الاتجاهات الحالية إلى استمرار العداء المحتوى بدلاً من المواجهة المباشرة. قد يسهم الضغط الأميركي المستمر ونهاية حرب غزة في منع الانفجار، خاصة إذا مارست واشنطن نفوذاً حقيقياً على تل أبيب.
تظل العوامل الداخلية أيضاً حاسمة، فمصر تعاني أزمة اقتصادية خانقة تجعل الانخراط في مغامرة عسكرية غير مرجّح. أما إسرائيل، المنهكة بحروب متعددة منذ عامين، فلا تملك القدرة على فتح جبهة جديدة مع دولة بحجم مصر. خلص يوسف إلى القول إن "الحرب في غزة واستنزاف الجيش الإسرائيلي يجعلان من المستحيل تقريباً خوض مواجهة مع مصر في الوقت الراهن".
https://www.newarab.com/analysis/are-egypt-and-israel-heading-towards-military-confrontation