أعلنت وزارة الخارجية الأميركية رسميًا إلغاء تصنيف "هيئة تحرير الشام"، المعروفة سابقًا باسم "جبهة النصرة"، كـ"منظمة إرهابية أجنبية"، وهو القرار الذي سيُعلن عنه رسميًا في السجل الفيدرالي في الثامن من يوليو الجاري.

وأكدت الوزارة في بيان لها أن القرار اتُخذ بعد مشاورات مطوّلة مع كل من المدعي العام ووزير الخزانة الأميركية، في خطوة ستُفضي فعليًا إلى إنهاء القيود المفروضة منذ أكثر من عقد على الكيان المصنّف، بما في ذلك رفع تجميد الأصول المالية، وإلغاء حظر التعاملات الاقتصادية المرتبطة به.

ويأتي هذا القرار بعد مرور نحو 14 عاماً على تصنيف الجبهة، التي تعد إحدى أبرز القوى المسلحة في الشمال السوري، على لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" بحسب قانون الهجرة والجنسية الأميركي، كما أُدرجت في "قائمة الأشخاص المصنفين خصيصًا" (SDN List) التابعة لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية.

 

الخلفية: من "النصرة" إلى "تحرير الشام"
تأسست "جبهة النصرة" في عام 2012 كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا، وسرعان ما أصبحت إحدى القوى المسلحة الأكثر نفوذاً في الحرب السورية، خاصة في مناطق الشمال. ومع توالي الضغوط الدولية، أعلنت الجبهة لاحقاً فك ارتباطها بالقاعدة وتغيير اسمها إلى "فتح الشام"، ثم اندمجت مع فصائل أخرى تحت مسمى "هيئة تحرير الشام".

رغم إعلانها الانفصال عن القاعدة، إلا أن الولايات المتحدة ظلت تصنّف الهيئة كتنظيم إرهابي، معتبرة أن التغيير في الاسم لم يكن سوى "تجميل شكلي" لا يغير من طبيعة ارتباطها بالتطرف العنيف.

 

أبعاد القرار وتداعياته المحتملة
بحسب بيان الخارجية الأميركية، فإن القرار استند إلى بند قانوني يتيح لوزير الخارجية إلغاء تصنيف أي منظمة في حال "تغيّرت الظروف التي شكلت أساس التصنيف" أو في حال "اقتضت مصلحة الأمن القومي الأميركي" ذلك.

وبموجب هذا الإلغاء، ستتمكن كيانات وأفراد في الولايات المتحدة، أو تحت سلطتها القضائية، من التعامل الاقتصادي مع الهيئة أو أعضائها دون الخضوع للعقوبات أو الملاحقات القانونية، ما قد يفتح الباب أمام تحوّلات في المشهد السياسي والاقتصادي في شمال غرب سوريا، حيث تسيطر الهيئة فعليًا على مناطق واسعة، أبرزها محافظة إدلب.

كما سيفتح القرار الباب أمام هيئة تحرير الشام لمحاولة إعادة تقديم نفسها كقوة محلية سياسية وإدارية في المناطق التي تسيطر عليها، بعيداً عن التصنيف الجهادي أو الإرهابي الذي لاحقها لسنوات طويلة.

 

سياق إقليمي ودولي معقد
يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه الملف السوري تحوّلات ملحوظة، وسط تسارع الاتصالات الإقليمية، بما فيها عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، ومحاولات تهدئة النزاع في الشمال. وقد ترى واشنطن في إزالة تصنيف الهيئة خطوة تمهيدية لانخراطها في ترتيبات أمنية أو سياسية مستقبلية، ولو بشكل غير مباشر.