حذر خبراء ومنظمات حقوقية من محاولة الاحتلال الإسرائيلي إنشاء ما يسمى بـ"المنطقة الإنسانية" بين محور ميراج وطريق فيلادلفيا، مؤكدين أن ذلك ليس سوى محاولة مقنعة لفرض التهجير القسري على الفلسطينيين.
وأشاروا لى أن الرؤية العامة تجاه القضية الفلسطينية كانت واضحة منذ بداية الحرب، وتمثلت في رفض أي حديث عن ترحيل الفلسطينيين أو المساس بثوابت القضية، وقد دعمتها في ذلك الجهود القطرية والأمريكية والمصرية التي تسعى حاليًا إلى تثبيت هدنة حقيقية.
وأوضحوا إلى أن ما يُروج له من "ممرات إنسانية" أو مناطق آمنة هدفه الحقيقي هو خلق حالة من السيطرة والتحكم في حركة المواطنين عبر نقاط تفتيش صارمة وإجراءات مهينة، مما يحول تلك المناطق إلى سجون مفتوحة وليس ملاذات آمنة، مؤكدين على أن الشعب الفلسطيني ما زال صامدًا ومتشبثًا بأرضه رغم المجازر المستمرة وسياسات الحصار والتجويع، لافتين إلى أن تل أبيب لم تنجح في كسر إرادة الفلسطينيين رغم مرور ما يزيد عن عام ونصف من العدوان المتواصل.
وبينوا أن ما يجري على الأرض يمثل تحديًا صارخًا للقانون الدولي، وأن المجتمع الدولي مطالب بتدخل حقيقي يضع حدًا لسياسات الاحتلال، وليس مجرد بيانات إدانة لا تغير شيئًا من الواقع المأساوي، خاصة مع التصريحات التي تخرج من قيادات في القطاع الصحي في غزة، والتي تؤكد انهيار القطاع.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان
من جهته أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنّ الخطة الإسرائيلية التي كشف عنها وزير الدفاع الإسرائيلي "يسرائيل كاتس"، والتي تقضي بنقل سكان قطاع غزة بالكامل إلى ما يُسمى "منطقة إنسانية" تُنشأ فوق أنقاض جزء من مدينة رفح، تمثّل تصعيدًا خطيرًا في مسار الإبادة الجماعية المتواصلة، وتجسّد خطوة متعمّدة لإفراغ غزة من سكّانها الأصليين، وفرض واقع ديموغرافي جديد بالقوة خدمةً لمشروع استعماري يستهدف محو الوجود الفلسطيني من القطاع.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ المخطّط الإسرائيلي يستهدف في مرحلته الأولى تجميع مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين داخل قطاع غزة، تمهيدًا لحصر كامل السكّان فيما يُسمّى "منطقة إنسانية" تُقام فوق أنقاض مدينة مدمّرة وتفتقر إلى الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة، على أن تخضع لسيطرة أمنية مشدّدة وقيود صارمة على الحركة، بما في ذلك منع الخروج منها، الأمر الذي يعني فعليًا إنشاء معسكر اعتقال جماعي مغلق يُحتجز فيه السكّان قسرًا وخارج أي إطار قانوني مشروع.
وحذّر من أن الأخطر هو تجميع نحو مليوني فلسطيني في منطقة مدمّرة، مغلقة، وتفتقر إلى أبسط شروط الحياة، وخاضعة لقيود صارمة على الحركة، يُعدّ دون مواربة عملًا منظّمًا من أعمال الإبادة الجماعية، يقوم على فرض ظروف معيشية قاتلة تهدف إلى التدمير التدريجي للسكان الفلسطينيين في القطاع، عبر سياسات التجويع، والإذلال، والاحتجاز الجماعي، والإخضاع القسري.
https://x.com/EuroMedHRAr/status/1942855969710436638
وكانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، قد قالت إن إسرائيل تخطط لإقامة ما تسميه "مدينة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ضمن مخططاتها لتهجير الفلسطينيين خارج بلادهم.
وذكرت الهيئة أن هذه المدينة ستقام بين محوري "فيلادلفيا" و "موراج" جنوب القطاع، بزعم الفصل بين المدنيين وعناصر الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وأشارت إلى أن هذه الخطة تهدف لتجميع مئات آلاف الفلسطينيين في منطقة معزولة وخاضعة للفحص الأمني، في إطار سياسة التهجير الإسرائيلية المستمرة.
وتحاول إسرائيل استغلال الأيام القليلة المتبقية قبل أي تهدئة مرتقبة، لتوسيع رقعة التدمير وإبادة المدن، خاصة في شمال وشرق محافظة الشمال، وشرق مدينة غزة، وشرق خان يونس جنوبي القطاع، وفق مصدر مقرب من الفصائل الفلسطينية للأناضول.
وذكر المصدر الذي فضل عدم ذكر هويته، أن إسرائيل تسعى لتدمير ما تبقى من مقومات الحياة في تلك المناطق، لاستنفاد أي فرصة لعودة الفلسطينيين إليها كما فعلت في مخيم جباليا الذي دمرته بشكل شبه كامل خلال النصف الثاني من عام 2024.
يأتي ذلك فيما تستمر في العاصمة القطرية الدوحة، مباحثات غير مباشرة عبر وسطاء في محاولة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى.
ووفق هيئة البث الإسرائيلية، فإن المرحلة الأولى من المخطط الإسرائيلي تشمل نقل آلاف النازحين الفلسطينيين من "المنطقة الإنسانية" في المواصي بخان يونس إلى ما تسميه "المدينة الإنسانية"، وهي منطقة ستخضع لتأمين الجيش الإسرائيلي الكامل.
ووفق المصدر نفسه، تخطط إسرائيل لنقل نحو 600 ألف فلسطيني من سكان غزة إلى هذه المنطقة بعد إخضاعهم لإجراءات فحص أمني صارمة، على ألا يُسمح لهم لاحقا بمغادرتها، في خطوة تعكس سياسة تهجير جماعي وعزل ممنهج.
وخلال الأسبوع الأخير، صعد الجيش الإسرائيلي من قصفه وعمليات تدمير للمنازل ومراكز الإيواء، خاصة المباني متعددة الطوابق التي توفر رؤية استراتيجية للأحياء المحيطة في شمال وشرق غزة.
وحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، نقلا عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن 85 بالمئة من مساحة القطاع تقع ضمن مناطق عسكرية إسرائيلية أو خاضعة لأوامر بالإخلاء أو كلا الأمرين.
وقالت الهيئة الإسرائيلية إن "الجيش الإسرائيلي لا يخطط لتوزيع المساعدات على المتواجدين بتلك المنطقة بنفسه، بل يسعى لإلقاء هذه المهمة على عاتق دول أخرى (لم تسمها) ومنظمات دولية".
وأشارت إلى أن إسرائيل ستقيم في المنطقة 4 نقاط جديدة لتوزيع المساعدات التي تشرف عليها ما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكيا وإسرائيلياً
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة، بدأت إسرائيل في 27 مايو الماضي، تنفيذ مخطط لتوزيع مساعدات عبر تلك المؤسسة.
وبوتيرة يومية، يطلق الجيش الإسرائيلي النار تجاه المجوعين المصطفين قرب مراكز التوزيع، ما أدى إلى مقتل 758 فلسطينيا وإصابة 5005، وفق وزارة الصحة بغزة، الاثنين.
وفي وقت سابق كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في لقاء مع مراسلين عسكريين أجانب عن خطة لإنشاء 4 مراكز إضافية لتوزيع المساعدات جنوب محور موراج برفح، إلى جانب إقامة منطقة مدنية ضخمة مخصصة لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين سيجري ترحيلهم إليها قسرًا،
وقال: "من يدخل إلى هذه المنطقة لن يُسمح له بالخروج، وسيكون الدخول عبر ممرات ضيقة وخالية من عناصر حماس".
وفي 11 أبريل الماضي، قال الجيش الإسرائيلي، إنه استكمل السيطرة على كامل "محور موراج" وطوق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة "بشكل كامل".
ومنذ ذلك الحين، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات هدم ونسف المباني في المدينة الحدودية مع مصر.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت هذه الحرب أكثر من 194 ألف من الفلسطينيين بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.