حاول رئيس مجلس النواب حنفي جبالي امتصاص غضب النواب واحتواء موجة واسعة من القلق والرفض التي رافقت تعديلات مشروع قانون التعليم المقدم من الحكومة، معتبرًا أن "المخاوف النيابية ناتجة بالأساس عن عيوب في الصياغة القانونية لبعض المواد"، لا عن نوايا التعديل ذاته.
وخلال الجلسة العامة التي عُقدت اليوم، كشف جبالي عن لقاء تنسيقي تم عقده مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المثير للجدل، محمد عبد اللطيف، ووزير الشؤون النيابية والقانونية محمود فوزي، في محاولة لفهم أبعاد الاعتراضات واحتواء الأزمة المتصاعدة.
صياغة مرتبكة ومخاوف مشروعة
وعلى الرغم من التطمينات التي قدمها جبالي، فإن مصادر برلمانية أكدت أن التخوفات النيابية لم تكن شكلية، بل استندت إلى مضامين جوهرية أثارت الجدل حول تكافؤ الفرص، والعدالة بين الطلاب، ومدى دستورية الإجراءات الجديدة، خاصة في ظل تقديم القانون قبل أيام قليلة من انتهاء دور الانعقاد الخامس.
وتضمنت التعديلات المثيرة للجدل بنودًا محورية، على رأسها إقرار نظام "البكالوريا" بديلاً للثانوية العامة، وهو نظام يستهدف طلاب الصف الأول الثانوي بداية من العام الدراسي المقبل، بالإضافة إلى فرض رسوم على إعادة الامتحانات، وجعل مادة التاريخ إجبارية على جميع المراحل والمسارات، وتحديد نسبة النجاح في مادة التربية الدينية بـ70%، وهو ما وصفه نواب بأنه "تمييز غير دستوري" و"إثقال غير مدروس للطلاب".
لجنة التعليم تدخل الخط
وشهدت لجنة التعليم في البرلمان اجتماعين حاسمين خلال الأيام الماضية، حضرهما وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، الذي بدوره حاول تبرير فلسفة التعديلات وأهدافها، مشددًا على أنها تصب في مصلحة تطوير المنظومة التعليمية وتحسين مخرجات التعلم، لكن الردود النيابية لم تكن مرحبة في مجملها.
جبالي بدوره أشاد بتجاوب عبداللطيف، واصفًا موقفه بـ"المرن والمتفاعل"، لكنّه أشار بوضوح إلى أن "الخلل ليس في الهدف، وإنما في طريقة التعبير عنه"، مشيرًا إلى اتفاق عام على ضرورة إعادة صياغة المواد المثيرة للجدل.
خلفية صراع متجدد على نظام الثانوية العامة
ولا تعد هذه هي المحاولة الأولى لتغيير نظام الثانوية العامة، فقد سبق أن طُرحت خلال ولاية الوزير الأسبق طارق شوقي خطة لتطبيق النظام التراكمي، لكن مجلس الشيوخ رفضها آنذاك بالأغلبية، وتم تجميدها رسميًا.
لاحقًا، تبنّى الوزير السابق رضا حجازي مقترح "نظام المسارات والفرص المتعددة"، إلا أن رحيله عن الوزارة جاء قبل دخول المشروع حيز التنفيذ.
أما في أغسطس الماضي، فقد طبقت وزارة التربية والتعليم بالفعل تعديلات على شهادة الثانوية العامة، تم بموجبها تقليص المواد إلى خمس فقط لكل شعبة، بدءًا من العام الدراسي الحالي 2024-2025، وهو ما اعتبره البعض تمهيدًا لتغييرات أوسع يجري تمريرها تدريجيًا.
نواب: لسنا ضد التطوير.. لكننا نرفض التسرع
وأجمع نواب تحدثوا في الجلسة على أنهم لا يرفضون التطوير من حيث المبدأ، لكنهم يعارضون التعديلات التي تأتي في توقيت ضبابي، وبصياغات "غامضة" تحمل شبهات بعدم الدستورية، مؤكدين أن أي تعديل يجب أن يُعرض على حوار مجتمعي موسّع يضمن الشفافية ويحقق العدالة التعليمية.